للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا بلغ معاوية سير علىّ عليه السّلام استشار عمرا، فقال له: إنّه سار إليك بنفسه، فسر إليه بنفسك، ولا تغب عنه برأيك ومكيدتك، فقال: إذا جهّز الناس، فصار عمرو يحرض الناس على قتال علىّ كرّم الله وجهه ويضعّفه عندهم، ويقلّل أمر أصحابه وأتباعه.

وأقبل معاوية فى جيوش الشّام، واختلف أيضا فى جموع معاوية، فمقلّل ومكثّر، والمتّفق عليه (٢٨٨) من جموعه خمسة وثمانون ألفا، فلمّا تراءى الجمعان، نزل معاوية وأصحابه منزلا اختاروه، فكانت الشريعة بأيديهم، وكان على خيل معاوية أبو الأعور السلمى، وأجمعوا رأيهم أن يمنعوا أصحاب علىّ عليه السّلام الماء، قال: ففزع النّاس إلى أمير المؤمنين علىّ كرّم الله وجهه فأخبروه بذلك، فقال عليه السّلام: ادعوا لى صعصعة بن صوحان، فلمّا حضر، قال: امض إلى معاوية وقل له: إنّا سرنا [مسيرنا] (١) هذا إليكم، ونحن نكره قتالكم قبل الإعذار إليكم، وإنّك قد قدمت علينا بخيلك ورجلك، تقاتلنا (٢) قبل أن نقاتلك، ونحن ما رأينا إلاّ الكفّ عنك، حتّى ندعوك ونحتج عليك، وهذه أخرى قد فعلتموها: قد حلتم بين الناس وبين الماء، والناس غير منتهين أو يشربوا، فابعث إلى أصحابك فليخلّوا بين الناس وبين الماء، وليكفّوا حتى ننظر فيما يعود صلاحه على الفئتين، وإن أعجبك أن تترك الناس يقتتلون على الماء حتّى يكون الغالب هو الشّارب فعلنا.