للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له ابن حديج: إنّما أقتلك بعثمان، فقال له محمّد: وما أنت وعثمان، إنّ عثمان عمل بالجور، ونبذ حكم القرآن، وقد قال الله عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ»} (١)، {فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ»} (٢)، {وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ»} (٣)، فنقمنا ذلك عليه، فقتلناه، [وحسّنت] (٤) أنت له ذلك [ونظراؤك] (٥)، فقد برّ أنا الله إن شاء الله من دمه، وأنت شريكه فى إثمه وعظم ذنبه. قال: فغضب ابن حديج، وقتله، ثم ألقاه فى جوف حمار ميّت، ثم أحرقه بالنار، فلما بلغ ذلك عائشة رضى الله عنها جزعت جزعا شديدا، وأقامت شهرا تدعو على معاوية، وعمرو بن العاص دبر كلّ صلاة، وأخذت عيال محمّد (٣١١) إليها، فكان القاسم بن محمّد بن أبى بكر فى عيالها.

وقد كان محمّد بن أبى بكر قد نفّذ إلى علىّ-عليه السّلام-يستنجده، فمدّه بمالك بن كعب فى ألفين، فسار خمسا، ثم إنّ الحجّاج بن غزيّة الأنصارى قدم على علىّ عليه السّلام من مصر، وكان حاضرا بما جرى، وعاين هلاك محمّد ابن أبى بكر رضى الله عنه، ثم قدم عبد الرحمن شبيب الفزارى، وكان عينه بالشام، فعرّفه أن البشر أقدمت على معاوية بن أبى سفيان بقتل محمّد بن أبى بكر رحمه الله، وقال: يا أمير المؤمنين: لم أر قوما قط أشدّ سرورا من أهل الشام، حين أتاهم قتل محمّد بن أبى بكر، فقال على عليه السّلام: إنّ حزننا عليه بقدر سرورهم لا بل يزيد أضعافا، ثم استرجع.