للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معبد: (٢٥٦) يا هذه ما تقومين على أداء صوت واحد؟ فغضب الرجل منه غضبا شديدا وقال: ما أراك تدع الفضول بوجه ولا حيلة! وأقسم بالله لين عاودت لأخرجنّك من السفينة. فأمسك معبد حتى إذا سكت الجوارى سكتة اندفع بغناء الصوت الأول حتى فرغ. فقال الجوارى: أحسنت والله يا رجل! فأعده. فقال: لا ولا كرامة. ثم اندفع فغنى الثانى فقلن لسيدهن:

ويحك! هو والله أحسن الناس غناء، اسله يعيده علينا ولو مرّة واحدة لعلّنا نأخذه عنه، فإنه إن فاتنا لم نجد مثله أبدا. فقال: قد سمعتنّ سوء ردّه عليكن، وأنا خايف مثله منه [و] قد أسلفناه الإساءة. فاصبرن حتى نداريه.

قال: ثم غنا الثالث فزلزل عليهن الأرض، فوثب الرجل فخرج إليه وقبّل رأسه وقال: يا سيدى أخطأنا عليك ولم نعرف موضعك. فقال له: فهبك لم تعرف موضعى، قد كان ينبغى أن تستثبت ولا تسرع إلىّ سوء العشرة وجفاء القول. فقال: قد أخطأت وقد أسأت وأنا أعتذر إليك مما جرى وأسلك أن تصير إلىّ وتختلط بى. فقال له: الآن فلا. فلم يزل به حتى صار إليه فقال له الرجل: ممّن أخذت هذا الغنى؟ قال: من بعض أهل الحجاز، فمن أين أخذنه جواريك؟ فقال: أخذنه من جارية كانت لى ابتاعها رجل من أهل البصرة من مكة. فكانت قد أخذت عن أبى عبادة معبد، وعنا بتخريجها، فكانت تحلّ منى محل الروح فى الجسد. ثم إن الله استأثرها،

(٦) اسله: فى الأغانى ١/ ٥١: «فسله أن»

(١٣) يزل: فى الأغانى ١/ ٥١: «يزل يرفق»