للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاد ماء البحر إلى قعره، وهذا أيضا فيه <نظر> فإنّه لو كان كما ذكر كان يكون فى وقت دون وقت.

والمختار عندى (١) أنّ الجزر والمدّ من آيات الله عزّ وجلّ وأنّه من آثار قدرته فى العالم لأنّ كلّما لا يوجد له قياس فى الوجود فهو فعل إلاهى يستدلّ به على عظمة البارئ سبحانه وتعالى، وليس للمدّ والجزر قياس فى العالم.

وأمّا ما قال أهل الأثر رضى الله عنهم فى ذلك فروى عن الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله قال: (٢) حدّثنا معتمر بن سليمان عن صباح بن أشرين، قال:

سئل ابن عبّاس عن المدّ والجزر فقال: قد وكّل الله بقاموس البحر ملكا فإذا وضع رجله فيه فاص الماء وإذا رفعها غاض، وقد ذكره الجوهرى فقال: (٣) وقاموس البحر وسطه ومعظمه، قال: وفى حديث المدّ والجزر قال: ملك موكّل بقاموس البحر كلّما وضع رجله فيه فاض وإذا رفعها غاض، وروى مجاهد عن ابن عبّاس قال: الملك موكّل بالبحار يضع عقبه فى بحر الصين فيكون منه المدّ ثم يرفع قدمه فيكون الجزر، قال مجاهد رحمه الله: وهذا ظاهر محسوس فإنّ الإنسان لو وضع قدمه فى إناء فيه ماء فإنّ الماء يرتفع إلى رأس الإناء فإذا رفعها رجع الماء إلى حدّه، فإن قيل: فيلزم من هذا أن يكون المدّ والجزر فى جميع البحار، قلنا:

قد ذهب قوم إلى هذا وإنّما لم يظهر فى غير بحر البصرة لوجهين: أحدهما: لبعد المسافة واتساع البحار ومن لجّج من المسافرين فى البحار يذكر (١٦٠) أنّه شاهده، والوجه الثانى: فلأنّ مكان المدّ والجزر فى البصرة تحت خطّ الاستواء واعتدال الليل والنهار وعليه الكواكب الثابتة على ما ذكر الشيخ جمال الدين


(١) عندى: سبط بن الجوزى!
(٢) مسند أحمد بن حنبل ٥/ ٣٨٢
(٣) الصحاح ٢/ ٩٦٣ ب