للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تنبعت منها عشرة أنهار نيل مصر أحدها، قال: والنيل يقطع الإقليم الأوّل ثم يحاوزه إلى الثانى ومن ابتدائه من جبل القمر إلى انتهائه ومصبّه فى البحر الرومى ثلاثة ألف فرسخ يجرى فى عامر وغامر فإذا تعدّا (١٦٨) الفسطاط انقسم قسمين:

قسم يمرّ على دمياط وقسم إلى رشيد فيصبّان فى البحر الرومى، وقيل: إنّه لا يعلم مسافة جريانه إلّى (١) الله عزّ وجلّ وهو الصحيح، ويبتدئ بالزيادة من نصف حزيران من الأشهر الروميّة وينتهى فى أيلول ويكون ابتداء زيادته فى الأشهر القبطيّة فى شهر باونه وينتهى فى بابه.

واختلفوا فى سبب زيادته ونقصانه، فقال قوم: سبب زيادته عيونه وزيادتها ونقصانها من نقصانها، وقال آخرون: إنّ زيادته من الأمطار والسيول تمطر ببلاد الحبشة والنوبة أيّام الشتاء فيزيد، وإنّما يتأخّر وصوله إلى الصيف لبعد المسافة، وقد ورد قوم هذا (٢) وقالوا بأنّ عيونه التى تحت جبل القمر تتكدر فى أيّام زيادته فدلّ على أنّ ذلك من قدرة الله تعالى من غير زيادة مطر، وهو الصحيح، إنّ هذه الزيادة والنقصان تدبير من العزيز الحكيم، الذى فى كلّ شئ له آية تدلّ على أنّه واحد.

وجميع المياه والأنهار تجرى إلى القبلة إلاّ النيل لأنّه خارج عن خطّ الاستواء فيجرى إلى ناحية الشمال، وكذا العاصى بالشام يجرى إلى غير القبلة لما نذكر من ذلك.

قال ابن الجوزى رحمه الله: وقالوا متى بلغ النيل ستّة عشرة ذراع استحقّ السلطان الخراج، وإذا بلغ عشرون ذراع مات ملك مصر، وإذا بلغ ثمانية عشر ذراع يحدث بمصر وأعمالها وباء عظيم، قلت هذا ذكره الشيخ جمال الدين


(١) الى: الا
(٢) ورد: رد مرآة الزمان، تحريف