للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفرد حس بينه وبين قاليقا (١) سيرة يوم، والثانى: أنّها تخرج من أطراف أرمينية ثم تجرى إلى بلاد الروم ويجتمع إليها أعين كثيرة ويصبّ إليها خليج من بحيرة المارزبون وليس ببلاد الروم بحيرة أكبر منها دورها أكثر من شهر، ثم تمرّ الفرات بأرض ملطية على مسيرة ميلين منها، ثم تمرّ على شميصات (٢) وتجوز من تحت قلعة الروم والبيرة وجسر منبج وبالس وقلعة جعبر والرقّة والرحبة وقرقيسيا وعانة والحديثة وهيت والأنبار، ومن تحت الأنبار يأخذ منها نهر عيسى ونهر الملك فصبّان فى دجلة ثم تمرّ الفرات بالطوف (١٧٤) (٣) ثم بالحلّة ثم بالكوفة وتنتهى إلى البطائح وتصبّ فى البحر الشرقى.

قالوا: ومقدار جريانها على وجه الأرض أربعمائة فرسخ وقد كانت تمرّ ببلاد الحيرة ونهرها بيّن إلى الآن ويعرف بالعتيق، وعنده كانت وقعة القادسيّة الآتى ذكرها، وكان البحر المعروف بالنجف فى ذلك العهد جاريا، وكان مرسى السفن من بلاد الهند والصين ذلك المكان تحمل فيه الأمتعة إلى ملوك الحيرة لمّا كانت عامرة لما نذكر من ذلك، ولمّا استحال الماء وانقطع عن الحيرة وعن مصبّه فى البحر صار ذلك البحر برّا وصار بين الحيرة والبحر مسافة، والنجف بالتحريك المكان الذى لا يعلوه الماء، قال الجوهرى: (٤) وكذا النجفة بالتحريك مكان لا يعلوه الماء مستطيلا، ويقال إنّ اسم هذا المكان فى الأصل نج وكان أهل الحيرة يستقون منه الماء فأصبحت امرأة على العادة لتستقى فرأته يابسا فقالت نج جف ثم خفّفوه.

وقد روى فى فضل الفرات حديث، قال ابن الجوزى رحمه الله: حدّثنا جدّى رحمه الله بإسناده إلى الأعمش عن أبى وائل عن ابن مسعود عن النبىّ صلى الله عليه وسلم


(١) قاليقا: قاليقلا مرآة الزمان، تحريف
(٢) شميصات: سميساط
(٣) بالطوف: بالطفوف مرآة الزمان
(٤) الصحاح ٤/ ١٤٢٩ ب