للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من سائر ما هو تحت طاعة أمير المؤمنين من الدنيا! ثم ماذا؟ فقال: وأحببت أن تكون له بأمير المؤمنين صلة فإنه أهل لذلك! فقال جعفر: وقد زوّجه أمير المؤمنين هارون الرشيد ابنته آمنة وأمهرها من عنده ألف ألف! ثم ماذا؟ فقال:

قد تجاوز بك الإحسان فوق الظنّ فلله أنت! ثم نهض وشيّعه جعفر إلى باب الدار. قال الجاحظ، قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: فعجبنا من إنعام جعفر لصالح في جميع ما طلب حتّى في زواج ابنة أمير المؤمنين من غير (١١٢) إذنه في ذلك، ثم قطعنا بقية يومنا في ألذّ عيش وأهنئه، ثم بكرّنا إلى دار الخلافة فبينا نحن جلوس على الباب ننتظر الإذن، وجعفر قد جاز إلى عند الرشيد ساعة لم نشعر إلاّ بالأموال وقد حملت إلى دار صالح، والبنود تخفق على رأس عبد الله ولده بولاية مصر. ثم عقد له على ابنة الرشيد في ذلك اليوم وكان يوما عظيما لم ير الناس مثله في الاحتفال! فلمّا كان عشيّة ذلك اليوم اجتمعنا بحضرة جعفر فقال: أما تسألونني ما كان من أمري مع الرشيد بسبب صالح وولده؟ فقلنا: والله لقد وددنا ذلك وهيبة الوزير تمنعنا من السؤال فيه! فقال:

لمّا صرت عند أمير المؤمنين حكيت له أمر صالح وما كان منه وعبوره إلينا إلى حيث قال ألبسونا مما لبستم! فقال أمير المؤمنين: أحسن والله! ثم لمّا شرب فقال أمير المؤمنين: وأحسن والله ثمّ أحسن! فما كان منك إليه؟! فقلت: يا أمير المؤمنين! وهل لي يد تمتد إلى بيت الخلافة إلاّ بيد أمير المؤمنين؟! ذكر لي أنّ عليه ألفي ألف درهم فقلت: قد قضاها الله تعالى من مال أمير المؤمنين؛ فقال:

أحسنت والله! قد أمرنا له بذلك! ثم ماذا؟ فقلت: واختار أن يولّي ولده عبد الله عملا من أعمال أمير المؤمنين! فقلت: قد ولاّه الله وأمير المؤمنين ما أحببت! فقال: أحسنت والله قد وليته مصر حربا وخراجا! قلت: وأحبّ أن تكون له صلة بأمير المؤمنين فعقدت له على آمنة ابنة أمير المؤمنين! فقال: أحسنت والله قد زوّجته ابنتي آمنة ومهرتها من عندي ألف ألف درهم! فقلت: وكذا والله ضمنت له يا أمير المؤمنين! فجرى الأمر على ما رأيتم. قال إسحاق: فعجبنا والله لهذا التمكين. (١١٣)