للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الصولي، قال لي محمد بن يزيد المهلّبي، قال، قال لي محمد بن عمر الرومي الشاعر: لله درّ المعتصم ما كان أعقله من رجل! كان له غلام يقال له عجيب، وكان عند اسمه من حسنه، وكان مشغوفا به. فحارب بين يديه يوما فحسن بلاؤه؛ فدعاني المعتصم فقال: يا محمد! جليس الرجل صديقه وذو نصحه وموضع أنسه، ولي عليك حقّ الرئاسة والإحسان والإمامة؛ فاصدقني عمّا أسألك عنه! فقلت: لعن الله من يقيم نفسه إلاّ مقام العبد الناصح الذي يرى فرضا عليه أن يضيف كلّ حسن إليك. وينفي كلّ عيب عنك وإن كان لا عيب بحمد الله! قال: قد علمت أنّي دون إخواني في الأدب لحبّ الرشيد لي وميلي إلى اللعب وأنا حدث فما نلت ما نالوا. وقد قاتل عجيب بين يديّ فأحسن، وأنت تعلم وجدي به. وقد جاش طبعي بشيئ قلته فإن كان مثله يجوز فاصدقني وإلاّ طويته! قلت: والله لا جزت (١٨٢) ما أمرت به! فأنشدني (من المجتث):

لقد رأيت عجيبا ... يحكي الغزال الربيبا

الوجه منه كبدر ... والقدّ يحكي القضيبا

وإن تناول سيفا ... رأيت ليثا حريبا

وإن رمى بسهام ... كان المجيد المصيبا

طبيب ما بي من الحبّ (م) ... فلا عدمت الطبيبا

إنّي هويت عجيبا ... هوى أراه عجيبا

قال؛ فحلفت له أيمان البيعة أنّه شعر مليح من أشعار الخلفاء الذين ليسوا بشعراء! فطابت نفسه. فقلت له: يحتاج إلى لحن فيه. فقال: لا أحبّ ذلك