للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أوجب ذلك المسئول عنه شكّا وحيرة واضطرابا، وتعّلقت نفسه بالجواب عنه فتشوّف إلى معرفته، فسألهم عنه، عاملوه بمثل ما يعامل به صاحب الفال والزرّاق والقصّاص على العوّام عند امتلاء صدورهم بما يفخمون به أولا عند هم من أحوال قد عرفوها من أحوالهم إلى معرفتها أكثر الحاجة وعلقوا بمعرفتها أنفسهم، وعند بلوغ القصاص إلى ما يبلغون إليه، يقطعون الحديث لتتعلّق قلوب المستمعين بما يكون بعده.

وهذه صفة هؤلآء الدعاة وحالهم: يقدّمون الكلام والمسائل، ثم يقطعون. فتتعلّق أنفس المغرورين بما قد أخّر من القول الذى قد قدموا له مقدمة. فإذا (ص ٧٢) خاطبهم المغرور على علم معرفته وبيان ذلك قالوا له: لا تعجل. فإنّ دين الله عز وجلّ أجلّ وأكبر من أن يبذل لغير أهله، ويجعل غرضا للعب وما جانسه.

ويقولون: قد جرت سنة الله جلّ وعزّ فى عباده عند شرع من نصبه أن نأخذ العهد ممن يرشده ولذلك قال: ({وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ، وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ، وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً}).