للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كبره، ظانّا أنّ ليس له شبيه فى عصره، وأنّ لا سبيل إلى نفاذ عمره، فحدّق إلى تلك الحدائق بالأحداق، وكان من أدقّاء الحذّاق، والوقت وقت الخليع، كونه زمان الربيع، والنور فى كلّ يوم يزيد ويهيج، والأرض قد أنبقت من كلّ زوج بهيج، وحدائق النرجس قد حدقت بأحداقها لمّا رأت عرائس السرو وقد شمّرت عن ساقها، ورنت إلى الأقحوان، لمّا أراد لثم شقائق النعمان، فقال ما ألذّ أوقاتى، فهذا الوقت الذى قال فيه ابن الساعاتى (من الكامل): (١)

ما الجوّ إلاّ عنبر والدّوح إلاّ ... جوهر والروض إلاّ سندس

سفرت شقائقها فهمّ الأقحوا ... ن بلثمها فرنا إليه النرجس

فكأنّ ذا خدّ وذا ثغر (٣) ... يحاوله وذا أبدا عيون تحرس

وليس فى قوله متهم بل برئ ابن (٤) الصنوبرى (من الكامل): (٢)

ياريم قومى الآن ويحك وانظرى ... ما للرياض (٥) قد أظهرت إعجابها

كانت محاسن وجهها محجوبة ... فالآن قد كشف الربيع حجابها

ورد بدا يحكى الخدود ونرجس ... يحكى العيون إذا رأت أحبابها

والسرو تحسبه العيون غوانيا ... قد شمرت عن سوقها أثوابها

(٢٥٤) لو كنت أملك للرياض صيانة ... يوما لما وطئ اللثام ترابها

ثم نظر إلى الورد وحقّق، فإذا هو بين مفتق ومحقّق، ومذهّب ومعقّق، كأحقاف ياقوت أحمر، فكعبة بزبرجد أخضر، قد ضمّت على شذور من التبر الأصفر، قد عطر بشداه الأكوان، وجمع من الحسن اللوان، (٦) فبين أحمر قانى،


(١) ديوان ابن لساعاتى ٢/ ١٦٤،٤؛ جوهر الكبر
(٢) ديوان لصنوبرى ٤٥٤،٦، رقم ١٣
(٣) فكأن-ثغر: فكأن ذا ثغر وذا حد الديوان
(٤) ابن: غلط ابن الدوادارى
(٥) للرياض: للربى الديوان
(٦) اللوان: ألوان