للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأهلا، ثم أهلا، ثم أهلا ... بما أرسلت من سحر البيان

قلت: لعل هذا الشعر يعتد به فى طبقة المطرب من طبقات الشعر، لجودته، وسلاسته، وحسن توصيفه، وبراعة معانيه، رحم الله قائله.

وكان عمر الملك العزيز بن الظاهر-لما جلس فى الملك عند وفاة أبيه-سنتين وأشهر، وعمر أخيه الملك الصالح أحمد ولى عهده نحو اثنتى عشرة سنة. ووقع فى ذلك منازعات كثيرة من أعمامه أولاد السلطان صلاح الدين، مثل الملك الزاهر، والملك الظافر وغيرهم. وآخر الأمر استقر الحال خشية من جده الملك العادل الكبير.

ولما مات الملك الظاهر المذكور رثاه شرف الدين بن راجح الحلى يقول:

سل الخطب إن أصغى إلى من يخاطبه ... بمن علقت أنيابه ومخالبه

أرى اليوم دست الملك أصبح خاليا ... أما فيكم من مخبر أين صاحبه؟

ومنها:

فإن يك نور من شهابك قد خفا ... فيا طالما جلّى دجى الليل ثاقبه

وقد لاح بالملك العزيز محمد ... صباح هدى كنّا قديما نراقبه

فتى لم يفته من أبيه وجدّه ... أب ثم جدّ غالب من يغالبه

ومنها يخاطب الملك العزيز وأخاه الملك الصالح بقوله:

أيمكث بالشهباء عبد أبيكم ... ومادحه أم تستقل ركائبه

فلما سمع شهاب الدين أتابك هذا البيت قال: «قولوا له يرحل فلا حاجة بنا إليه، فإنا لا نعطى الشعراء شيئا».

قال: ثم امتدح شهاب الدين-بعد عدة مراثى عملها فى الظاهر-فلم يجزه عليها شيئا. وأمر شهاب الدين بقطع ما كان له مرتبا، ففارق حلب، وصار إلى الملك الأشرف، فحظى عنده. وبقية ما لخصناه فى الصفحة الأخرى.