للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحمه الله. يقول ابن مصعب: والشيخ يحدثنى وهو كالغائب، فقلت: «أراك فى فكرة بتقصد تصنف شئ فى هذا». فقال: «لا والله إلاّ مفكر فى صنع الله عز وجل. إن الذى جرى لسلجوق جرى لأيبك، لا يختل دقة». قلت: «كيف؟». قال:

«لأن سلجوق يعد سبع جدود حتى يلتحق بيزدجرد آخر ملوك آل ساسان، وأيبك يعد سبع جدود حتى يلتحق بسلجوق، وهذا عاد مملوك غلمان جدوده وهذا عاد مملوك لغلمان جدوده. فأيبك يعد إلى يزدجرد أربع عشر جد، فافهم منى نسبك».

فقلت: «يا مولانا لله درّ الحريرى فى قوله: المرء بنشبه لا بنسبه، والفحص عن مكسبه لا عن حسبه». ففهمت منه-رحمه الله-ما لم أكن علمته قبل ذلك الوقت.

وقد خرج بنا الكلام وشجونه عن شرط الاختصار، وأنا أقول، أستغفر الله من ذلك.

... ولما يئس التتار من السلطان علاء الدين قصدوا مدينة مازندران، فملكوها مع صعوبة مسالكها وحصاراتها. وكان المسلمون ما ملكوها فى أول زمان، وقنعوا من أهلها بأدنى الأشياء من الخراج. ولا زالت كذلك إلى أيام سليمان بن عبد الملك ابن مروان الأموى، فرغبوا أهلها فى الإسلام اختيارا لا اضطرارا، ودخلوا تحت الطاعة. وهؤلاء التتار ملكوها فى أقرب الأوقات وأيسر الأمور، وقتلوا جميع من كان بها على عادتهم الشنيعة. ثم توجهوا إلى الرىّ، فوقعوا فى طريقهم بالملكة عصمة الدين خاتون والدة السلطان علاء الدين خوارزم شاه، وكانت قاصدة أصبهان وهمذان إلى ولدها، لما بلغها ما جرى عليه، فأخذوها، وأخذوا جميع ما كان معها -وكان ملكا عظيما-وسيروها بجميع ذلك إلى جكزخان وهو نازل بسمرقند.

ولما وصل التتار إلى الرىّ إنضاف معهم من العساكر والمفسدين والكفار والأكراد خلق كثير، فملكوا الرى، وفعلوا فيها أقبح مما فعلوه فى غيرها. ثم ساروا