للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المناجنيق، وعادوا يرمون فى وسط القلعة. فعند ذلك اجتمع أهل القلعة وفتحوا الباب، وحملوا على التتار حملة واحدة. وسلمت الخيالة بأنفسهم، وتعلقوا فى الجبال.

وأما الرجالة فقتلوا عن آخرهم. وملك جكزخان القلعة بجميع ما فيها.

ثم إنه جمع سائر الرجال الذين كان أعطاهم الأمان من سائر الأمصار، وسيرهم مع ولده إلى مدينة مرو، وبها يومئذ ما يزيد عن مائتى ألف مقاتل من جند وعرب وأكراد وتركمان ومن سائر الأجناس. فلما وصلت إليهم التتار التقوا معهم، واقتتلوا قتالا شديدا. ثم انكسر أهل مرو، ووضعوا فيهم السيف ولم يبقوا على أحد منهم. ثم فتحوا مرو بعد أربعة أيام، بعد ما كانوا أعطوا أهلها الأمان. قال جكزخان لواليها: «أعرض علىّ أصحابك حتى ننظر من يصلح للخدمة نستخدمه عندنا».

فلما حضروا قبض على الجميع. وطلب الأموال من كبار البلد، وكتب أسماءهم فى جريدة، ثم قال: «اكتبوا أرباب الصنائع» ففعلوا ذلك. فلما وقف جكزخان على النسخ أمر بجميع أهل البلد، وجميع أهاليهم وأموالهم، فأوقفوا بين يديه، وقد جلس على كرسى ذهب. وأمر بحضور الجند، فضرب أرقاب الجميع. كل هذا والناس قيام ينظرون إليهم ويبكون عليهم. ثم قسّم أرباب الأموال، وضرب رقابهم.

ثم وضع السيف فى بقية الناس. وتعالت أصوات النساء والأطفال.

قال صاحب التاريخ: ومما أجمعوا عليه أن من جملة تسليط هؤلاء القوم على العالم أنهم إذا نزلوا على مدينة أو قلعة ولم يقدروا على أخذها ورحلوا عنها، يرسل الله-عز وجل-على أهل تلك البقعة الوخم والفناء، فيموتون، فيرجع التتار إليهم فيأخذوهم بأسهل الأحوال. وهذا كان سخطا من الله تعالى، فنعوذ بالله من الخذلان.

ثم أمر بحريق البلد فأحرق. وفى جملة الحريق تربة السلطان سنجر السلجوقى. أجمع