للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو المظفر: قال الجواد: «أنا إيش أعمل بالملك؟ باز وكلب عندى خير من ملك الأرض». وكان أسد الدين قد جاء إلى دمشق، وأقام بها، وقتل عماد الدين ابن الشيخ بقلعة دمشق. وانحصر منه الجواد انحصارا عظيما. وكان الجواد يظهر أنه نائب العادل صاحب مصر. فلما قتل ابن الشيخ-فى حديث طويل السّبب- اختشى الجواد على نفسه من أسد الدين الملك المجاهد صاحب حمص، فخرج الجواد من دمشق بحجة الصيد، وضرب فى البرية، وسيّر كاتب الملك الصّالح نجم الدين أيوب، وسأله على المقايضة. وعلم صاحب حمص بذلك، فرحل من دمشق، ودخل حمص. وكان فى قلب الملك الصّالح منه قلوب وحقائد دفينة، لما جرى منه فى حق أبيه الكامل.

ودخل الملك الصالح نجم الدين أيوب إلى دمشق فى العشر الأول من شهر جمادى الآخرة، والملك الجواد حامل الغاشية بين يديه. ثم حملها الملك المظفر تقى الدين محمود صاحب حماة. واتفق أن سنجق الملك الصّالح انكسر عند باب القلعة، فتطيّرت الناس من ذلك. وكان فألا لما ناله الملك الصّالح بعد ذلك من تغلب إسماعيل الملك الصالح على دمشق، واعتقال الملك الصالح بالكرك، حتى فرّج الله عز وجل عنه، وملك الأرض، حسبما يأتى من ذكر ذلك فى تاريخه إن شاء الله تعالى.

قال أبو المظفر-رحمه الله-: ونزل الملك الصالح بالقلعة، ونزل الملك الجواد دار فرخشاه. ثم إن الجواد ندم على ذلك، فاستدعى المقدمين والجند، واستحلفهم.

وجمع الملك الصّالح أصحابه عنده بالقلعة، وأراد أن يحرق دار فرخشاه، فدخل جمال الدين [على بن] جرير فى الصلح بينهما، وخرج الجواد إلى النّيرب.

واجتمع الخلق على باب النصر يدعون على الجواد ويسبونه، ويشتمونه فى وجهه.