للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تسيمهم بسيماء الخسف. نقتل العبّاد، وندوس البلاد، ونطهّر الأرض من الفسّاد، فإن قابلتنا بالقتال، فقد أوجبت على نفسك ورعيتك النكال، وأرميتهم فى أشرّ الوبال، يكثر فيهم العويل. ولا نرحم عزيز ولا ذليل، ولا تجد إلى نصرتهم من سبيل. ونحن نشرح لك ما فيه الكفاية، وأبذلنا لك غاية النصيحة والهداية، أن تنقل إلى عندنا ما عندك من الرهبان، وتحلف لنا بعظائم الأيمان، أن تكون لنا نائبا على ممرّ الأزمان، وتعجل لنا بما عندك من مراكب وطرائد وشوانى، ولا تكون فيك فترة ولا توانى، لتكون قلوبنا راضية عليك، ولا تسوق البلاء بيدك إليك، وتكون على نفسك وجيشك قد جنيت، وتعود تقل «ياليت». وتضع الحرب أوزارها، وتشعل نارها، ويتعالى شرارها، ويقتم فنارها، وتأخذ منكم بتارها، فسيوفنا حداد، ورماحنا مداد، وقلوبنا شداد، ويحكم بيننا بينكم رب العباد. فإن كانت لك فهدية ألقت بين يديك، وإن كانت لنا فيدنا العليا عليك، إذا استحق بالإضافة إمارة الملتين، وحكم الشريعتين، وبيد الله تعالى السعادة، وهو الموفق للإرادة». ثم كتب فى آخره يقول:

ستسلم إن سلمت غير محارب ... فإنك لترجو أمورا ترومها

أتيناك فى خلق كرام وعصبة ... مسيحية لم تخف عنك علومها

وها أنا قد أنشدت بيتا مهددا ... مخافة أن لا تلتقى النفس ضيمها

ستعلم ليلى أىّ دين تداينت ... وأىّ غريم للتقاضى غريمها

ولمّا وصلت هذه المكاتبة للسلطان الملك الصّالح كان فى أشدّ ما يكون من المرض، فكتب الجواب، ونفذه. وهو ما هذا نسخته:

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على القوم الظالمين، من عند الدارئ عن حرم المسلمين،