للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخامسه الى ان طلعت الشمس علينا فى اليوم السادس، فلاح لنا على بعد سواد صفه عماره، فقصدناها فاتيناها الظهر. وقد هجّرت علينا الأرض، ووقفت خيلنا من العطش، فوجدنا مدينه باسوار وابواب جميعها زجاج اخضر. فدخلناها فوجدنا الرمل السافى ينبع من الأرض كنبع الماء حتى وصل الى السقوف بتلك الآدر، وكدلك الأسواق، وبعضها ليس فيها رمل، ودكاكين على حالها مفتحه وفيها قماش، فلمسناه فعاد كالهبا وكدلك جميع ما نلمسه منها، والنحاس يتفتت كالرمل فقتشناها جهد الطاقه، فوجدنا فى دكان صينيه نحاس وفيها ميزان، فحين لمسناه تفتت من ايدينا. ثم وجدنا فى تلك الصينيه تسع (٨) دنانير دهب لم تتغير منقوش عليها صورة غزال وحوله اسطر عبرانيه. وبقينا فى تلك المدينه ونحن ما لنا همّ الاّ التدوير على الماء. فوجدنا فى مكان اثر رشح، فخفرنا هناك تقدير دراعين، فظهرت بلاطه خضراء، فقلعناها فوجدناه صهريجا فيه ماء ابرد من الثلج، فشربنا وسقينا خيلنا وحمدنا الله تعالى على دلك. ثم حطبنا ونحرنا هجينا وشوينا لحمه واكلنا واسترحنا دلك اليوم. ثم اجتهدنا فى تلك المدينه على أن نلقا (١٣) فيها شى من المال، فلم نجد غير تلك التسع دنانير، ثم خرجنا وملينا (١٤) اوعيتنا من دلك الماء. (٢٥) وسرنا ونحن لا نعرف اين نتجه، فبقينا كدلك يوم (١٥) وليله.

فوقعنا الله تعالى على قبيله عرب من بنى مهدى عرب الكرك، فاخدونا وطلعوا بنا الكرك الى الملك المغيث. فرسم لنا باقامه، ونزلنا فى الربظ (١٧)، ثم قصدنا دكان يهودى صيرفى شيخ، فاصرفنا منه دهيب (١٨) كان معنا، ثم اوريناه دينار من تلك الدنانير.

فلما رآه صرخ وغشى عليه ساعه، ثم افاق فسألناه، فقال: «هدا الدهب ضرب فى ايام نبينا موسى بن عمران، فمن اين لكم هدا؟» فاحكينا له امرنا. فقال: «صدقتم،


(٨) تسع: تسعة
(١٣) نلقا: نلقى--شى: شيئا--التسع: التسعة
(١٤) وملينا: وملأنا
(١٥) يوم: يوما
(١٧) الربظ: الربض
(١٨) دهيب: ذهيبا-- اوريناه: أريناه--دينار: دينارا