للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدّموا (١) التتار ونفذوا يطلبون الخليفه. قال العدل جمال الدين: فطلع اليهم ومعه القضاه والفقها والمدرسين (٢) ومشايخ الرباطات والصوفيه فى نحو من سبع مايه فارس.

فلما وصلوا الى مكان يقال له الخربه جاات (٣) رسل هلاوون، وهو يقول ليحضر الخليفه فى سبع عشر نفر. فاختار الخليفه سبعه عشر نفر (٤). قال العدل جمال الدين: حكى لى والدى رحمه الله، قال: كنت فى الجمله، فمسك رسول التتار بيدى، وقال هدا تكمله العده، وساق بى مع الخليفه. وامّا الباقى فانهم انزلوهم هناك عن دوابهم، وعروهم قماشهم، (٣١) وضربوا ارقاب (٧) الجميع. ودخلت المغل بغداد ورموا السيف فيها، وعاد القتل يعمل فيها مده اربعين يوما الى ان عاد الدم فى ازقتها مثل كبود الابل.

وامّا الخليفه ومن كان معه فانزلوهم فى مكان واحد، لكن افردوا للخليفه خيمه صغيره الى جانب الخيمه التى فيها رفقته.

قال العدل جمال الدين: حكى لى والدى، قال: كان ياتينا الخليفه كل ليله الى الخيمه التى نحن فيها، فيقول: ادعوا لى، فندعوا له. فلما اراد الله عزّ وجلّ نفاد قضايه وقدره، اتفق ان الخليفه جالس فى خيمته بعد صلاه الظهر، وادا بطاير ابيض قد سقط على الخيمه التى فيها الخليفه، فاقام ساعه ثم حلق طايرا. ففى تلك الساعه بعث اليه هلاوون واحضره، وقال له وهو قايم بين يديه ويكلمه من اربع (١٥) حجاب على لسان الترجمان: «ما هدا الطاير الدى اتاك»؟ فقال: «طاير سقطه على الخيمه ثم طار». قال: «فما الدى قال لك، وما الدى قلت له؟» فقال الخليفه: «وهل يتكلم الطاير؟» فقال له: «لا بد ان تقر بالصحيح، ومن اين أتاك، وماذا قال لك، وما الدى قلت له؟». وجرا (١٨) فى دلك


(١) تقدموا: تقدم--ونفدوا: ونفذوا
(٢) والمدرسين: والمدرسون
(٣) جاات: جاءت
(٤) سبع عشر نفر: سبعة عشر نفرا--نفر: نفرا
(٧) ارقاب: رقاب
(١٥) اربع: أربعة
(١٨) وجرا: وجرى