للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلام كثير ومحاورات كثيره من جملتها: «انكم أهل سحر وهدا الطاير جاك (١) رسول من بعض اعوانك». ثم جرا (٢) مع ولده ابو بكر كلام كثير مما يشابه هدا الكلام. ثم امر بهما، فاخرجا الى ظاهر العسكر، فوضعا فى غرارتين، وشدوا عليهما ولم يزالا يرفسا (٤) بالارجل حتى ماتا، رحمهما الله تعالى. ثم امر ان يطلق السبعه عشر نفر الدين كانوا معه، واعطوهم نشابه. قال العدل جمال الدين، قال والدى: فدخلنا بغداد بعد ما قتل منا اثنين اخر (٦)، وعدنا خمس عشر نفر. واتينا نطلب منازلنا واهالينا، فوجدناها خراب (٧) (٣٢) بلاقع بغير انيس ولا مخبر.

قال العدل جمال الدين: ومع تقدير الله تعالى ان الامر كان قد مشى مع هلاوون، واتفق الحال بينه وبين الخليفه ان يكون للتتار نصف البلاد وللخليفه نصف البلاد.

ولم تبق غير المعاقده على دلك، لكن الوزير-قاتله الله-اجتهد على قتل الخليفه كل الاجتهاد، وقال: «هدا ما يصلح لصالحه، اقتلوه، والاّ ما يستقيم لكم حال، ويكاتب عليكم ساير ملوك الاسلام، وياتيكم بما لا قبل لكم به»، فقتلوه حسبما تقدم. ثم انهم اقروا الوزير الملعون على وزارته قليلا، ثم مسكوه وعدبوه انواع العداب، وتوفى فى اخر هده السنه هو واولاده واهل بيته وساير اعوانه وشياطينه، ونقلهم الله من عذاب الدنيا الى عذاب الآخره مع فرعون وهامان وقارون. فنسال الله تعالى ان يقينا فى الدنيا ولا يجزينا (١٦) فى الآخره انه بالاجابه جدير {وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

[وفيها توفى الملك الناصر يوم السبت السادس والعشرين من جمادى الاول سنه ست وخمسين وستمايه. وهو الناصر داود الدى كان صاحب الكرك بعد ما مرت عليه اهوال وغرايب من انواع البلايا من الغربه والهجاج من مكان الى مكان (١٧). وتردد الى


(١) جاك: جاءك--رسول: رسولا
(٢) جرا: جرى--ابو بكر: أبى بكر
(٤) يرفسا: يرفسان--نفر: نفرا
(٦) اثنين اخر: اثنان آخران--خمس عشر نفر: خمسة عشر نفرا
(٧) خراب: خرابا
(١٦) يجزينا: يخزينا--القرآن ٦٤:١ و ٦٧:١
(١٧) ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش--الاول: الاولى