للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملطخ بسواد. وكان دلك لسبب مرور المنهزمين من المسلمين من الميسره، فسرح دلك الطاير المسوّد. ثم ظهر النصر والفتح والفرج من الله تعالى بعد الياس {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ} (٣). وحضرت بعد العصر البطاقه المخلّقه، ودقت البشاير.

فلما كان الثلث الاول من الليل وصل الامير ركن الدين الجالق، ويمك الناصرى، والجاشنكير وجماعه كبيره من الدين كانوا بالميسره وانهزموا.

فدقّ الجالق ويمك الناصرى باب القلعه، وطلبوا الاجتماع بنايبها، وهو يوميد قجقار المنصورى. ففتح لهم باب الفرج، وادخلهم اليه الى القلعه. فاخبروا انهم كسروا وقالوا: «والله، ما كسرنا نحن وبقى جيش ولا سلطان (٨)». فبات الناس فى اسوء (٩) حال. فلما كان عند صلاه الفجر وصل بريدى لصفد، وعلى يده كتاب البشاره. فاخدوا الكتاب من البريد (١٠)، وقروه على السدّه بجامع دمشق بحيث طابت نفوس الناس، فكان فيه ما هدا نسخته:

«بسم الله الرحمن الرحيم {نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (١٢).

نعلم الأمير ما جدّد الله تعالى من نصر، تهلّلت بمثله وجوه الأيام، وابتسمت به ثغور الأنام. وبدأ الإسلام أول مرة، وجعل الله على العدو المخذول الكسرة.

فلمّا كان يوم الخميس رابع عشر شهر رجب المبارك (٢١٩) سنة ثمانين وستماية، حضر العدو المخذول فى مايه ألف أو يزيدون، وضربنا معهم مصافا دارت (١٦) فيه رحا (١٧) الحرب المنون. والتحم القتال، وتماسكت الأبطال بالأبطال، وتفاقم الأمر حتى أنّ الإسلام كاد أنّ، وكرّ العدو كرة فلم يلوعنّ. فعند ذلك أذن الله تعالى


(٣) القرآن ٣٠:٤
(٨) والله ما كسرنا. . . ولا سلطان: كذا فى الأصل؛ بينما فى م ف «والله ما كسرنا وبقى من العسكر احد، لا سلطان ولا غيره»؛ وفى تاريخ الجزرى (مخطوطة جوتا ١٥٦٠) ق ١٧ ب «وما هربنا وقد بقى من العسكر أحد، لا السلطان ولا غيره»
(٩) اسوء: أسوأ
(١٠) البريد: البريدى--وقروه: وقرؤوه
(١٢) القرآن ٦١:١٣
(١٦) دارت: فى الأصل «فأدارت»؛ انظر الجزرى ق ١٨ آ
(١٧) رحا: رحى