للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما القول فيه: إنّه لا يحبّ المسارعة إلى المقارعة، إلاّ بعد إيضاح المحجّة وتركيب الحجّة، فبانتظامه فى سلك الإيمان صارت حجّتنا وحجّته المتركّبة على من غدت طواغيته عن سلوك هذه المحجّة متنكّبة. فإن الله سبحانه والناس كافّة قد علموا أن قيامنا إنّما هو لنصر هذه الملّة، وجهادنا واجتهادنا، إنّما هو على الحقيقة لله. وحيث قد دخل معنا فى الدين هذا الدخول، فقد ذهبت الأحقاد وزالت الذحول، وبارتفاع المنافرة تحصل المضافرة. فالإيمان كالبنيان يشدّ بعضه بعض (٦)، ومن أقام مناره فله أهل بأهل فى كل مكان، وجيران بجيران فى كل أرض.

وأمّا ترتيب هذه القواعد الحميدة على إذكار (٨) شيخ الإسلام، قدوة العارفين، شجاع (٩) الدين عبد الرحمن-أعاد الله من بركاته-قد أشار، فانّه نعم المستشار، فلم ير لولى قبله كرامة كهذه الكرامة. والرجاء ببركته وبركة الصالحين أن تفتح دار السلام وكلّ دار للإسلام وهى دار إقامة، حتى يتم شرايط الإيمان، ويعود شمل الإسلام مجتمعا كأحسن ما كان. ولا ينكر لمن لكرامته هذا الابتداء والتمكين فى الوجود أنّ كلّ حقّ إلى نصابه [ببركته] (١٣) يعود.

(٢٢٩) واما إنفاذ قاضى القضاة قطب الدين، والأتابك بهاء الدين المؤثرون (١٤) فى نقلهما رسايل هذه البلاغة، فقد حضرا وأعادا من ألفاظهما من كلّ قول حسن ممّا يزهوا (١٦) بحسنه على الصياغة، ومن كلّ ما يشكر ويحمد ويتعنعن حديثها فيه عن مسند أحمد.


(٦) بعض: بعضا
(٨) إذكار: فى الأصل وم ف «ادكان»
(٩) شجاع الدين: كذا فى الأصل وم ف؛ فى ابن عبد الظاهر ص ١٢، وفى بيبرس المنصورى، زبدة الفكرة فى تاريخ الهجرة (مخطوطة المتحف البريطانى ١٢٣٣) ج‍ ٩ ق ١٣٤ ب (انظر أيضا ملحق ٧ لسلوك المقريزى، ج‍ ١ ص ٩٧٧ - ٩٨٤) «كمال الدين»، انظر ما سبق ص ٢٥١:٨
(١٣) أضيف ما بين الحاصرتين من م ف
(١٤) المؤثرون: المؤثرين: فى ابن عبد الظاهر ص ١٢ «الموثوق»
(١٦) يزهوا: يزهو