للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم الامير سيف الدين طغجى، والامير سيف الدين برلغى، والامير سيف الدين قطبيه، وسيف الدين قطقطيه، وبقيه المماليك السلطانيه. وركبوا شاكّين فى السلاح، طالبين القلعه المنصوره، وسار الحسام استادار مقدما على الجيش.

حكى لى والدى-رحمه الله-قال: كان السلطان قد انعم علىّ بتقدمة فى الحلقه، وزاد اقطاعى خمس مايه دينار، وكنت فى خدمته. فلما جرى الامر المقدر كنت فى جملة طلب السلطان مع الامير حسام الدين استادار، وكان بينى وبينه انسه. قال: فو الله انه لراكب فى الطلب، وهو لا تنشف له دمعه، واقام تلك الليله مع دلك اليوم لا يدوق طعاما. فلما كان ثانى يوم عند طلوع الشمس توافا (٨) العسكران على الطرّانه. وكان الجيش الدى مع بيدرا أضعاف جيش السلطان، لكن كما قال الله عزّ وجلّ فى كتابه العزيز {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى} (١٠)، فكان منهم من هو معه، وهو عليه، وآخر مغصوب، وآخر مجمع. فلما تراا (١١) الفريقان، اول من قفز من الامرا الدين كانوا مع بيدرا الامير بدر الدين بيسرى، فجا الى الامير حسام الدين فى طلب السلطان، ثم تبعه الامير زين الدين كتبغا. ولما وصل الى السناجق السلطانيه الاشرفيه، احطاطوا (١٤) به الامرا الخاصكيه، وارادوا قتله، وقالوا له: «انت كنت (٣٠٦) سبب هده الفتنه، وانت احد الغرماء». فنزل عن فرسه، وجلس على الارض، وحلف اربعين يمين (١٦)، من جملتها الطلاق الثلث من زوجته، انه لم يعلم شيا ممّا جرى: «وها انا بين ايديكم ومعكم، فمتى شهد علىّ طفل واحد اننى كنت حاضرهم او موافقهم فدمى لكم حلال، انا واولادى، وادبحوا حريمى واولادى قدامى، ثم ادبحونى». وبكى بكا كثيرا، فرقوا عليه، واوقفه الحسام استادار الى جانبه.


(٨) توافا: توافى
(١٠) القرآن ٥٩:١٤ - -شتى: فى الأصل «شتا»
(١١) تراا: تراءى
(١٤) احطاطوا: احتاط
(١٦) يمين: يمينا--الثلث: الثلاثة