للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولنذكر الآن ما يخصّ حوادث الزمان:

فيها كان الاستخراج بدمشق من أرباب الأملاك أربعة أشهر أجرة وكذلك من القرى والضياع والأملاك (٣). والسنة التى وقع الاتّفاق على استخراج ثلث مغلّها، هى سنة تسع وتسعين وستّ ماية، وكان المغلّ فى تلك السنة مغلاّ خسيسا (٥) لأجل ما كان من التتار وكونهم كانوا فى البلاد. ولم يحصّل لأحد إلاّ ما فضل عنهم. فحصل على الناس من ذلك شدّة كبيرة وتسحّب (٦) أكثر أرباب الأملاك واستحفّوا، والذى وقع بأيديهم ألزموه حتى قطع الأشجار بثمرها وأباعها حطبا، بحيث بلغ الحطب كلّ قنطار الدمشقىّ بثلاثة دراهم (٩) نقرة، ولا وجدوا من يشتريه. وكان ذلك على أهل دمشق أشدّ من كلّ شى مرّ بهم من أوّل حال وإلى ذلك التأريخ. ثمّ استخدم بما جمع من ذلك المال جماعة من الأكاريد والأجناد البطّالة ونفقوا فيهم كلّ واحد ستّ ماية درهم ولم يقيموا لهم ضمانا لما كانوا فيه، لمّا وردت الأخبار أنّ غازان قد طمّعته نفسه الكاذبة وآماله الخايبة بدخوله الشأم، وأنّ الشأم قد عاد فى قبضته. ثم إنّ أكثر أوليك المستخدمين تسحّبوا (١٤) وأخذوا ما نفق عليهم، ولم يقم منهم إلاّ القليل النادر. ولم يصل من ذلك المال شئ إلى بيت المال، وأكثره سرقوه الكتّاب السمرة

قلت: هذا جميعه نقل الشيخ صدر الدين ابن وكيل بيت المال المعروف بابن المرحّل رحمه الله تعالى، حكاه للمملوك بالديار المصريّة لمّا كان قد حضر إليها صحبة الركاب الشريف لمّا عاد من الكرك المحروس


(٣) والأملاك: املاك
(٥) مغلا خسيسا: مغل خسيس
(٦) وتسحب: وتستحب
(٩) دراهم: الدراهم--وجدوا: ووجدوا
(١٤) تسحبوا: تستحبوا