للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقت يمازح الوالد ويقول له: يا جمال الدين، لا تأكل الهديّة وحدك وأشركنا فيما أوعدوك به. فلمّا عادوا وتلقّاهم الوالد من الكسوة وخدمهم أتمّ خدمة، وهم كثيرين الإعجاب به والثناء عليه، ولم يزل معهم إلى القابون يشيّعهم. فضربوا بينهم مشورا زمانا طويلا. ثمّ أخرجوا للوالد ثلاثة طوامير عظم وحلقتين طسما (٥) وقالوا له: اشكر إحسان القآن إليك. -فلمّا عاد إلى ملك الأمرا أحضر إليه ذلك الإنعام العظيم.

فضحك كراى وقال: يا جمال الدين، والله لولا أنت عندهم تشبه تومان ما أعطوك هذا. -فقال: يا خوند، الهديّة لمن حضر. -فأخذهم منه وأخلع عليه خلعة كاملة مصمت (٩). وإنّما ذكرت هذه الواقعة لما كانوا عليه التتار من كبر الأنفس فى ذلك الوقت ولما تهذّبوا فى أيّام مولانا السلطان وعادوا يحضرون بالأموال الجليلة، والجوارى الحسان الجميلة، حسبما نذكر من ذلك إنشاء الله تعالى

ثمّ وصل بعد أيّام البريد المنصور وأخبر أنّ رسول التتار دخل دمشق ليلة الثلثا الثالث والعشرين من ذى القعدة، وأنزلوهم بالقلعة وأنّهم فى دون العشرين نفر. فأقاموا بدمشق أيّاما وتركوا أثقالهم وغلمانهم بدمشق.

وأحضروا على البريد المنصور، وصحبتهم المعتمد وكانوا ثلاثة نفر وهم القاضى ضيا الدين بن بهاء الدين بن يونس الشافعىّ، خطيب الموصل.

وقاضيها، وصحبته آخر من المغل. ومعهما غلام لهم. فوصلوا القلعة المحروسة ليلة الاثنين خامس عشر ذى الحجّة (١٩)، فأقبل عليهم مولانا السلطان غاية الإقبال وأحسن نزلهم وأوفر (٢٠) رواتبهم. فلمّا كان عصر


(٥) طما: كذا فى الأصل
(٩) مصمت: كذا فى الأصل ولعل صوابه «مسمّطة»
(١٩) ذى الحجة: ذى القعدة، مصحح بالهامش
(٢٠) وأوفر: واوفروا