للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيا لها من ساعة يا لها. تالله لقد زهقت النفوس عندها. وطاشت العقول. إلاّ أنّ الله بلطفه ردّها، لمّا ماجت الأرض بأسرها، وظنّ أنّ ذلك يوم حشرها، فلولا ما سبق من آجالها، لهلكت النفوس عند زلزالها. فالتوبة التوبة عباد الله فى الأيّام الباقية الفانية! واستحيوا ممّن لا تخفى عليه خافية. واعتبروا بمن هلك تحت ردمها فجأة، وقد كان فى تلك الساعة فى عافية، وأصبح منزله بعد التشييد مهدوما، وماله بيد الورّاث مقسوما، وحمل إلى قبره، فعاد التراب عليه مردوما، ولم تغن عنه الدنيا وأموالها، لمّا هلك فى ساعة زلزالها! فرحم الله امرأ تاب عمّا جنا، وتقرّب من فعل الخير ودنا، وتزوّد للآخرة. فإنّ الدنيا ليست لحىّ وطنا، ولبس للخير أثوابا، فلا بدّ أن يلبس للقبر كفنا. فنسأل الله السلامة إذا حميت سلاسلها وأغلالها و {زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} (١١) {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} (١٢) {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها} (١٣) محرّرا، يوم يفرّ الوالد من الولد، والولد من الوالد. يوم لا ينفع المال الصامت، ولا الناطق ولا التالد، يوم تنسف جبالها {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} (١٥) أعاذنا الله وإيّاكم من عذاب النار، وأسكننا وإيّاكم دار القرار {فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ} (١٧) وصلّى الله على سيّدنا محمد الشفيع فى القيامة عند أهوالها {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} (١٦) و {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (١٨)


(١١) السورة ٩٩ الآية ١
(١٢) السورة ٣ الآية ٤٠
(١٣) السورة ١٦ الآية ١١١
(١٥) السورة ٩٩ الآية ١
(١٦) السورة ١٣ الآية ٢٤
(١٧) السورة ٩٩ الآية ١
(١٨) السورة ٣ الآية ١٧٣