للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الطور فمن عجايب الدنيا. وهو الذى كلّم الله تعالى فيه موسى تكليما (٢). وله درج إلى أعلاه عدّة سبع ألف وثمانى ماية درجة. وهناك دير عظيم ما بنى فى جميع الأديرة له نظير. ومقيم بها نيّف وأربع ماية راهب، أكثرهم ملوك وأولاد ملوك من الفرنج، قد خرجوا عن الدنيا وانقطعوا عن العالم، يعبدون الله عزّ وجلّ على دينهم وأمرهم إلى الله تعالى. وهذا الطور على بحر المالح، ومأكلهم السمك الكثير يعملوه عدّة ألوان (٧). والتمر والعجوة والرطب الكثير. فإنّ ثم هناك نخيلا كثيرة فى غاية الحسن. وأكثرهم متموّلين وفيهم خير. وعندهم لم تبرح القمصان الخام والطواقى والمشّايات يؤثروا (٩) بها الحجّاج التايهين من الرّكب. وربّما أنّهم كانوا فى غير هذا الوقت إذا وصل إليهم إنسان وشكى لهم فاقة وفقرا (١١) وعايلة وتحقّقوا ذلك منه يقولون له: تقترض للآخرة؟ -فإن قال: نعم، أعطوه على قدر ما يروه من الألف والألفين وأكثر وأقلّ.

هذا كان من قبل هذا الوقت، وإنّما فى هذا الوقت ما عادوا يعطون إلاّ من يخشوا منه، والله أعلم

ثمّ إنّ على هؤلاء العربان المذكورين (١٥) السياق السلطانىّ، وهو ألف جمل يحملوا عليهم أثقال السلطنة عند توجّه الركاب الشريف السلطانىّ إلى الشأم المحروس. ثمّ إنّ كلّ من توفّى من هؤلاء العربان لا ينزل ولده كان أو أخوه أو ابن عمه أو إذا كان ماله وارث كان من أقرب أقاربه أو من طايفته حتى يزن ما على ذلك الإقطاع من الرسم المقرّر، وهو كلّ إقطاع عليه رسم قد قرّر من قديم الزمان على قدر العبرة، فمن خمس ماية دينار إلى ثلاثين دينار حبشيّة


(٢) كلم. . . تكليما: قارن السورة ٤ الآية ١٦٤
(٧) ألوان: اللوان-- نخيلا: نخيل
(٩) يؤثروا: يامروا
(١١) فقرا: فقر
(١٥) المذكورين: المذكورون