للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا كان بعد العصر رأينا (١) -ونحن فى فرقة قراسنقر-نجّابا على راحلة عن بعد. فساقوا وأحضروه إلى قراسنقر. فلمّا رأيناه عرفناه، وإذا هو نجّاب بيبرس اسمه يوسف بن جنيد. فقال الوالد للأمير شمس الدين: هذا نجّابه، يا خوند. -فقال له قراسنقر: أين خلّيته، والك؟ -قال: يا خوند، قد حصل سعادة السلطان، وترى قد أخذه أنغاى ونهب جميع ما معه. وأنا ركبت هذه الجادّة هاربا (٦)، وتراه خلف هاتيك الرابية. فسقنا إلى هناك فلم نصل إلاّ (٧) أذان المغرب، فنجد أنغاى قد مسكه وأخذ جميع ما معه حتى سيفه وحياصته وبها ميره، ولم يترك عليه غير قرضية سودا بوجه عنابى مشايخى، وهو جالس على تلّ وأنغاى يتعرّض فى خزانته. فلمّا عاين قراسنقر نهض (١٠) وعاد يجرى إليه. فترجّل له قراسنقر واعتنقه، وعاد بيبرس يبكى وقراسنقر يتباكى. ثمّ إنّ قراسنقر نهر أنغاى، وأعاد على بيبرس سيفه وحياصته وقماشه. وأعرض خزانته فوجد فيها ستّة آلاف دينار وأربعة صناديق بغاليّة دراهم، وأربع عشرة حياصة ذهب، وعشرين كلوتة زركش وقماش وبغالطيق وغير ذلك.

فأعرضه وكبته وأعاده إلى أماكنه على هجنه، وركبنا فى الليل

وقال: يا جمال الدين، نريد نطلع من هونى (١٦) إلى الزعقة، وتسيّر بدويّا مع هؤلاء (١٧) المماليك إلى الوطاق يرحّلوهم إلى غزّة، ويقيموا بها إلى حين رجوعنا إليهم. فقد عزمت على الدخول معه إلى مصر وأسأل فيه مراحم السلطان وأصحبه معى إلى صهيون. -ثمّ عملنا الليل كلّه نسير على النجوم، فأصبحنا


(١) رأينا: رينا--نجابا: نجاب
(٦) هاربا: هارب--هاتيك: هاديك
(٧) إلا: إلى
(١٠) نهض: نهظ
(١٦) هونى: ربما المقصود «هنا» --بدويا: بدوى
(١٧) هؤلاء: هذا