للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع عدّة من الأمرا والمماليك السلطانيّة، رسم لهم من الموكب بقبّة النصر. فخرجوا بغير أهبة ولا مأكول ولا مشروب إلاّ على الفور من الموكب. ورسم له أن يتسلّم بيبرس من الأمير شمس الدين قراسنقر، ويعود قراسنقر إلى الشأم. وأنعم عليه مولانا السلطان بجميع ما كان مع بيبرس من الأموال. ووصل سنقر المذكور سابقا لهم. ثمّ إنّه طلب من المملوك قبا فرو يلبسه عارية لكونه عرق من السّوق، والوقت كان فى أوّل فصل الخريف. فأعطيته ما طلب. وقال لى: اخرج القى الأمير سيف الدين أسندمر، فإنّهم متعشّين فى هذا الظلام. يقول بهذا اللفظ، لفظ الشأميّين.

فركبت وأخذت المشاعل وأوقفتهم على قبّة سبت ظاهر بلبيس بالجسر وسقت وجدت أوايل الخيل <فى> غيثا، وهم فى تلك الظلمات لا يدرون أين يتوجّهون، وكان أواخر الشهر. فاجتمعت بأسندمر وأخذتهم من ظاهر بلبيس بجهة الحوف على الجسر، وأنزلتهم فى قسوريّة ظاهر بلبيس.

وأحضرت لهم جميع ما كنت قد صنعته لقراسنقر ورفقته، وكان شيئا كثيرا (١٣)، عشرين خروفا ما بين شوا وشرايح وجدابة (١٤) ولبن وخمسين طاير دجاج، عشرين منوّعة محشوّة وثلاثين فى شوربا. وكان أسندمر أوّل ما لقيته قال للمملوك: إليك وإلاّ للذيب. -فقلت: لعن الله أبا (١٦) الذيب، يا خوند، ارسم وبس! -بهذا اللفظ. فقال: الجوع، نحن وخيلنا، ولا مكّنّا من الإمهال أن نستصحب معنا شيئا (١٨) -. فقلت: زال الشرّ بسعادة السلطان وسعادة الأمير. -فلمّا رأى ما قدّمناه أعجبه إعجابا كثيرا جدا، إذ كان ظنّه بخلاف ذلك. ثمّ أحضرت ثلاثين أربعين مخلاة وعلّقت فيهم


(١٣) شيئا كثيرا: شئ كثير
(١٤) وجدابة: كذا فى الأصل
(١٦) أبا: ابو
(١٨) شيئا: شى