للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أخذ معنى هذين البيتين (١) أحمد بن سيّد اللصّ من شعرا المغرب فى الماية السادسة، وسمّى باللصّ لإغارته على معانى الشعرا المقدّمين، فقال <من الوافر>:

تراه فى غداة الغيم شمسا ... وفى الظلماء نجما أو ذبالا

يروّعهم معاينة ووهما ... ولو ناموا لروّعهم خيالا

وفيها حصل تغيّر للمزاج الشريف السلطانىّ، كفاه الله شرّ ما يخاف ويحذر، ولطف به وإن كان لم يزل ملطوفا به فى كلّ قضاء وقدر.

وذلك لمّا كان الثالث والعشرين من شهر ذى القعدة من هذه السنة المباركة حصل التوعّك الذى كان آخرته إلى السلامة والعافية، ومنّ الله على الإسلام بنعمه الوافية، فكان من قول العبد فى ذلك <من الكامل>:

إذا ما اعتلّ سلطان الورى ... اعتلّت الأرض ومن فيها (١١)

فالله كافيه من الأسوا كما ... أضحى لكلّ الخلق كافيها

وكان أصل ذلك ممّا حمل على خاطره الشريف من هذه الأحوال النكدة، ولا يطلع على سرّه أحدا، ولا يورّى الأعدا إلاّ تجلّدا، على أنّ سعة صدره الشريف لا يحدّ بالقياس، ولا يؤثّر (١٥) فيه وسواس الخنّاس، فهو بحمد الله كما قيل <من الكامل>:

لله صدر للإمام كأنّما ... أقطار طاعته به قطمير

تتزاحم الأضداد فيه وتنثنى ... عنه وليس لوقعها تأثير

وأثبت ما تراه نها وجأشا ... إذا دهش المشاور والمشير (١٩)


(١) هذين البهتين: هذان البيتان
(١١) البيت مضطرب الوزن
(١٥) يؤثر: ياثر
(١٩) البيت مضطرب الوزن