للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها برزت المراسم الشريفة بالتجاريد إلى اليمن، معونة للملك المجاهد ابن الملك المؤيّد حسب سؤاله. فجرّد الأميرين ركن الدين بيبرس الحاجب كان والأمير سيف الدين طينال الحاجب المستقرّ فى ذلك التأريخ. وجرّد صحبتهما جماعة كبيرة من الأمرا العشرات والمقدّمين، ومن أعيان الحلقة ومن المماليك السلطانيّة كرّمهم الله تعالى. فتوجّهوا وأقاموا مدّة وكان عودتهم إلى الديار المصريّة ثالث ذى القعدة. ولم يحصل لهم حجّ تلك السنة.

وكان لمّا وصلوا إلى اليمن نزل إليهم الملك المجاهد تحت الطاعة وأكرمهم وأحسن نزلهم. ثمّ إنّه لمّا عاد تخيّل فامتنع عن النزول. فمسك نايبه وقيّد. ثمّ راسلوا للملك المجاهد فتزايد تخيّله لمّا مسك نايبه. حدّثنى الأمير سيف الدين بلبان الدوادارىّ خشداشنا رحمه الله، قال: أنفذونى الأمرا رسولا (١١) للملك المجاهد صاحب اليمن، قال: فطلعت إليه إلى قلعة تعزّ، فوجدته شابّا حسنا، أسمر اللون حسن الوجه ظريف (١٢) القوام، أدعج الشعر أكحل العينين، قال: فأشغلنى شبابه عن خطابه، وكان المذكور الدوادارىّ مولعا (١٤) بحبّ الشهوات، ويفضّل حبّ البنين على البنات، قال:

فقال لى: يا سيف الدين، أيش أعجبك فى بلادنا؟ -فقلت:

والله ما أعجبنى غيرك. -قال الدوادارىّ: فاحمرّ وجهه من الخجل.

ثمّ لاطفته ونزلت من عنده، وقد امتنع من النزول إلى الأمرا. ثمّ إن الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب لمّا رحلوا عن قلعة تعزّ استحضر نايب اليمن ووسّطه وعلّقه على شجرة، وتركوه وتوجّهوا إلى الديار المصريّة.

فوصلوا فى التأريخ المذكور


(١١) رسولا: رسول
(١٢) ظريف: ضريف
(١٤) مولعا: مولع