للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال إسحق: فأعجبها منّى ذلك وقالت: أبا عبد الله، هل لك أن تسمعنا على هذا العود شيئا (٢)؟ فإنّى أراك كاملا. -فقلت: يا ستّ، <من البسيط>:

وا حسرتاه على ما كنت أحسنه

فقالت: لم يكمل شى أبدا. -ثمّ قالت: هل لك (٥) فى ثلاثة أقداح متداركة تزيل الحشمة ما بيننا؟ -فقلت: حبّذا والله! -قال:

فشربت ثلاثة. ثمّ ملأت (٧) الرابع وناولتنى. قال: فتناولته من يدها بعد ما قبّلتها. ثمّ ضمّت العود إلى صدرها وغنّت <من الخفيف>:

نعم عونا على الهموم ثلاث ... مترعات <من> بعدهنّ ثلاث

بعدها أربع تتمّة عشر ... لا بطاء لكنّهنّ حثاث

فإذا ناولتكهنّ جوار ... عطرات بيض الوجوه خناث

تمّ فيها لك السرور وما طيّ‍ ... ب عيشا إلاّ الخناث الإناث

قال إسحق: فلم أملك نفسى دون أن غمى علىّ، وغبت عن الدنيا واستصغرت والله كلّ ما رأيت من عمرى كلّه. قال: ثمّ أمسكت.

وشرعنا فى المنادمة والحديث. وشرعت أحدّثها وأطرفها. وقد أعجبها حديثى، وقالت: أبا عبد الله، قليل يكون (١٦) مثلك فى عامّة بغداد.

وإنّما هذه الأحاديث تنقل لنا عن لطافة إسحق عند أمير المؤمنين. - فقلت: جعلت فداك، لى جار يحضر مجلس إسحق، وهو نديم لى.

فاقتبست منه. -فقالت: هو ذاك. -فبينا نحن فى ألذّ (١٩) عيش وأهناه،


(٢) شيئا: شى
(٥) هل لك: هلك
(٧) ملأت: ملت
(١٦) يكون: يكن
(١٩) ألذ: اللد