للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان فى المجلس شمعة عنبر فيها مايتى منّ (١)، فضجّ المأمون من دخانها، فعملت له أمثال الشمع. فكان الليل فيه مدّة مقامه كالنهار. ولمّا كانت دعوة القوّاد نثرت عليهم أكر العنبر محشوّ فيها أوراق بأسما ضياع وآلاف من الدراهم وعدّة من الخيول وإبل وعقارات. فمن وقعت فى يده أكرة كشف عمّا فيها، فإن كانت ضيعة أشهد له بها، أو عقار أو غير ذلك وصل إليه فى يومه، وندب لذلك وكلاء بهذا السبب. وقيل إنّه حصر ما أنفق فى هذه الدعوة، فكان تسعة آلاف ألف دينار

ولمّا زفّت بوران على المأمون بعد أيّام، توهّم القوّاد أنّ هذا الحال ممّا تغيّر له المأمون على الحسن بن سهل. وبلغ ذلك الحسن، كتب للمأمون يقول: قد تولّى أمير المؤمنين من تعظيم عبده فى قبول أمته سببا لا يتّسع له الشكر عنه إلاّ بمعونة التوفيق، فرأيه أدام الله عزّه فى إخراج توقيع بتزيين حالى فى العامّة والخاصّة بما يراه صوابا إنشا الله تعالى. -فخرج إليه التوقيع:

الحسن بن سهل زمام على جميع أمور الخاصّة وكفّ (١٤) أسباب العامّة، وإحاطة بالنفقات ونقد بالولاة، وإليه الخراج والبريد واختيار القضاة، جزاء لمعرفته بالحال التى قرّبته منّا، وإثابة لشكره إيّانا على ما أوليناه

وجميع ذلك بخطّ يد المأمون: ثمّ أحضره وقرّبه وأدناه وأقطعه أعمال الصلح بكمالها، وعاتبه على اجتهاده وما حمله على نفسه. فقال له: يا أمير المؤمنين، أتظنّ أنّ هذا من مال الحسن بن سهل؟ والله ما هو إلاّ مالك


(١) مايتى من: مايتى منا
(١٤) كف: كف