للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المواقف الشريفة السلطانيّة، والوفود إلى الأبواب العالية. وذلك لمّا بلغه ما كان من أمر أبيه جوبان وأخيه دمشق خجا مع بقيّة إخوته أولاد جوبان، وما قد وقع عليهم من حثيث الطلب من جهة الملك أبى (٣) سعيد. فضاقت عليه الأرض بما رحبت. وسيّر يسأل المراحم الشريفة السلطانيّة-لا زالت ملجأ القاصدين وبحر الواردين-فى الوفود إلى الأبواب الشريفة. فأنعم مولانا السلطان بالجواب بقبول سؤاله، ولا خيّب قصده وآماله. فخرج من بلاد الروم طالبا للأبواب الشريفة {خائِفاً يَتَرَقَّبُ} (٧) وكان وصوله إلى الأبواب الشريفة عشيّة يوم الأربعا سادس شهر ربيع الأوّل، والركاب الشريف السلطانىّ -أعلاه الله تعالى وقد فعل، وأذلّ له رقاب الملوك أولى (٩) الخول وأرباب الدول، وإن كان على مثل ذلك لم يزل-فى برّ الجيزة بمنزلة الأهرام متوجّها للصيد المبارك. فلمّا كان نهار الخميس سابعه طلع الركاب الشريف إلى القلعة المحروسة، ودمرداش مترجّل (١٢) فى الخدمة الشريفة فى جملة الموالى الأمرا.

وكان هذا دمرداش قد ملك عدّة ممالك بالشرق، واحتوى على جميع إقليم الروم مملكة السلجوقيّة المقدّم ذكرهم وذكر ممالكهم. ولم يقنع بذلك، بل تسلّط (١٥) على جميع ما كان حوله من الممالك بتلك النواحى، وخافوه ساير ملوك تلك البقاع حتى تحصّنوا منه ومن شرّه فى الحصون المانعة، وليس بمانعتهم حصونهم (١٧). ووصل إلى الأبواب الشريفة منهم جماعة مستصرخين، وبالمراحم الشريفة من شرّه مستجيرين. وتغلّب على أكثر الممالك، وعاد فى ملك كبير جدّا. وكان رجلا (١٩) شديد البأس، لا يصطلى له بنار. وكان حضوره إلى الأبواب العالية من أكبر أسباب السعادة. وهذا أمر لم يتمّ


(٣) أبى: ابو
(٧) السورة ٢٨ الآية ١٨
(٩) أولى: اولو
(١٢) مترجل: مترجلا
(١٥) بل تسلط: على تسلط
(١٧) بمانعتهم حصونهم: قارن السورة ٥٩ الآية ٢
(١٩) رجلا: رجل