للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بغيبته، وما كان لهؤلاء أحد مثله. فإنّه كان له سطوة عظيمة على ساير الناس. -وعلى الجملة إنّه ما عاد الزمان يخلفه، فالله تعالى يعوّضه الجنّة

ثمّ إنّ مولانا السلطان خلّد الله ملكه راعى خدمته فى ذرّيّته ولم يغيّر عليهما فى مناصبهما مغيّرا (٤)، بل زادهما على ما كانا عليه فى حياة أبيهما.

واستقرّ بشمس الدين محمد بن عبد الله بن القاضى فخر الدين صاحب ديوان الجيوش المنصورة، وكاتب المماليك السلطانيّة (٦) على ما كان عليه فى حياة جدّه. واستقرّ بشهاب الدين أحمد بن القاضى فخر الدين فى كتابة الجيوش المنصورة على ما كان عليه أيضا فى حياة أبيه. وعاد نصره الله يشفق عليهما ويلطف بهما كأبيهما وأعظم. وهذه عوايد صدقاته العميمة على ساير أيتام مماليكه وخدّامين أبوابه الشريفة. وهذا أمر لا يعهد من ملك غيره، أيّده الله وأدام أيّامه، ومكّن من رقاب أعداه مضارب حسامه بمحمد وآله. وخلّف القاضى فخر الدين من الأموال ما يضيق الحصر عن جملته، وأنعم بجميع ذلك على بنيه. وكانت وفاته رحمه الله يوم الأحد خامس عشر شهر رجب من هذه السنة. ولقد حرّرت مدّة خدمته بالأبواب الشريفة فى كتابة المماليك السلطانيّة وصحابة الديوان بالجيوش المنصورة واستقلاله بالنظر، إلى حين وفاته فى هذا التأريخ، فكان سبع وثلاثين سنة، منها استقلالا بالأمر اثنتين وعشرين سنة وثلاثة شهور وخمسة أيّام. وتولّى مكانه القاضى شمس الدين موسى بن القاضى تاج الدين إسحق، وكان مباشرا فى نظر الخاصّ الشريف مكان أبيه. استقلّ بذلك بعد وفاة أبيه القاضى تاج الدين رحمه الله


(٤) مغيرا: مغير
(٦) وكاتب المماليك السلطانية: بالهامش