للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نكتة: قلت، وممّا أحكيه بالمشاهدة والسماع: لمّا كان القاضى تاج الدين إسحق مستوفيا (٢) بالأبواب الشريفة كان القاضى علاء الدين بن الأثير صاحب ديوان الإنشا، وحصل له أيضا من صدقات مولانا السلطان ما كان يقارب به القاضى فخر الدين فى قرب المنزلة، أو ما يساويه. فطلبنى يوما (٤) القاضى تاج الدين إسحق إلى ديوانه، وهو يومئذ مستوفى، وقال: أشتهى من إحسانك تتصدّق إلى عندى البيت، فلى ضرورة بالاجتماع بخدمتك. - فحضرت إلى خدمته بداره بمصر. فتفضّل وأحضر شيئا كثيرا (٧). ثمّ قال:

المسئول من تفضّلك تخاطب القاضى علاء الدين أن يتصّدق على مملوكه موسى يكون فى خدمته فى ديوان الإنشا أسوة الجماعة. -وكان بالديوان فى ذلك الوقت أولاد الصاحب أمين الدين أمين الملك بن العنام، وكان من قبلهم أيضا ومعهم ابن (١١) أبى شاكر بن التاج سعيد الدولة وغيره من أولاد القبط. فقلت: السمع والطاعة، القاضى علاء الدين ما يبخل على مولانا بذلك. -فقال للمملوك (١٣) ياسيف الدين انت رجل عاقل وأحدّثك بشى احفظه عنّى. -قلت: نعم، يا مولانا. -قال: هذا موسى فى طالعه أنّه إذا وصل اثنتين وعشرين سنة يكون له شأن من الشأن. -ثمّ يصل إلى ما لا وصل إليه أحد من أبناء جنسه، أعنى من أقاربه. ثمّ يقع فى شدّة عظيمة ويقيم مدة، ثمّ يخلص، -وبكى. ثمّ سكت ساعة، فقلت: يا مولانا، الله يقرّ عينك به ويعضّدك بحياته! -هذا سماعى منه، رحمه الله. ثمّ أحكيت ذلك للقاضى علاء الدين. فتبسّم وقال: هؤلاء القبط مربوطين على أحكام المواليد. -ثمّ كان من موسى ما كان، ووصل


(٢) مستوفيا: مستوفى
(٤) يوما: يوم
(٧) شيئا كثيرا: شى كثير
(١١) بن: بن ابن
(١٣) للمملوك: للملوك