للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفوا فى أىّ سماء هو على أقوال: أحدها: فى السماء الدنيا وهو على قول ابن عبّاس ومجاهد والربيع، واحتجّوا بحديث عائشة رضى الله عنها، قال أبو إسحاق الثعلبى (١) بإسناده عن ابن الزبير عن عائشة إنّ النبى صلى الله عليه وسلم قدم مكّة فأرادت عائشة أن تدخل البيت ليلا، فقال لها بنو شيبة إنّ أحدا لا يدخل البيت يعنى ليلا ولكن تحلّيه نهارا فشكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنّه ليس لأحد أن يدخله ليلا، إنّه بحيال البيت المعمور الذى فى السماء، لو وقع حجر منه لوقع على ظهر الكعبة، وإنّه يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة، ولكن انطلقى أنت وصواحبك فصلّين فى الحجر! ففعلت، فأصبحت وهى تقول: قد دخلت البيت على رغم من رغم، وروى عكرمة عن ابن عبّاس بمعناه، وقال: حرمته فى السماء كحرمة الكعبة فى الأرض فهو معمور بكثرة الغاشية والأهل والعبادة يصلّى فيه كلّ يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون فيه، وخازنه يقال له رزين، وروى ابن عبّاس أنّه كان من الجنّة فلمّا أهبط آدم إلى الأرض حمل إليه ليستأنس به ثم رفع أيّام الطوفان.

والقول الثانى: إنّه فى السماء السادسة عند شجرة طوبا، روى عن علىّ عليه السلام.

والقول الثالث: إنّه فى السماء السابعة، قاله مجاهد والضحاك، وقد روى البخارى (٢) فى حديث المعراج عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: ورأيت البيت المعمور فى السماء السابعة يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه. قلت: ولا تنافى بين هذه الأقوال لأنّه يحتمل أنّ الله تعالى رفعه ليلة المعراج إلى السماء السابعة عند سدرة المنتهى تعظيما للنبىّ صلى الله عليه وسلم حتى رآه ثم أعاده إلى سماء الدنيا.

وذكر الثعلبى (٣) عن الحسن البصرى (٥٦) أنّه قال: {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ»} (٤) إنّه


(١) جامع البيان ٢٧/ ١٠؛ الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ٥٩؛ تفسير ابن كثير ٦/ ٤٦٨
(٢) صحيح البخارى ٢/ ٢١٠، بدؤ الخلق، باب ٦
(٣) قارن الجامع لأحكام
(٤) القرآن ١٧/ ٦٠