للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فها هنا نوعان من الفقه، لا بد للحاكم منهما: فقه في أحكام الحوادث الكلية، وفقه في نفس الواقع وأحوال الناس، يميز به (١) بين الصادق والكاذب، والمحق والمبطل (٢). ثم يطابق بين هذا وهذا، فيعطي الواقع حكمه من الواجب، ولا يجعل الواجب مخالفًا للواقع.

ومن له ذوق في الشريعة، واطلاع على كمالها (٣) وتضمنها (٤) لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومجيئها بغاية العدل الذي يسع الخلائق، وأنه لا عدل فوق عدلها، ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح: تبين له (٥) أن السياسة العادلة جزء من أجزائها، وفرع من فروعها، وأن مَن أحاط علمًا (٦) بمقاصدها ووضعها مواضعها (٧) وحَسُنَ فهمه فيها: لم يحتج معها إلى (٨) سياسة غيرها ألبتة.

فإن السياسة (٩) نوعان (١٠): سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها،


(١) في "ب": "تميزه".
(٢) في "ب": "والباطل".
(٣) وفي "جـ": "كمالاتها".
(٤) في "ب": "أو بعضها".
(٥) في "جـ": "عرف".
(٦) وفي "جـ": "وأن من له معرفة".
(٧) في "د": "بمواقعها".
(٨) في "ب" و"هـ": "لم يحتج إلى".
(٩) سيأتي تعريف السياسة (٢٩).
(١٠) انظر: حاشية ابن عابدين (٤/ ١٦)، البحر الرائق (٥/ ١١٨)، تبصرة الحكام (٢/ ١٣٧)، ومعين الحكام (١٦٩)، بدائع الفوائد (٣/ ١٥٤)، =