للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ومن ذلك إلزامه للمطلق ثلاثًا واحدة بالطلاق، وهو يعلم أنها واحدة، ولكن لما أكثر الناس منه رأى عقوبتهم بإلزامهم به، ووافقه على ذلك رعيته من الصحابة، وقد أشار هو إلى ذلك، فقال: "إن الناس قد استعجلوا في شيء كانت لهم فيه أناة، فلو أنا أمضيناه عليهم؟ " (١) فأمضاه عليهم ليقلوا منه، فإنهم إذا علموا أن أحدهم إذا أوقع الثلاث جملة واحدة وقعت عليه (٢)، وأنه لا سبيل له إلى المرأة: أمسك عن ذلك. فكان الإلزام به عقوبة منه لمصلحة رآها، ولم يكن يخفى عليه أن الثلاث كانت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر (٣) كانت تجعل واحدة، بل مضى على ذلك صدر من خلافته، حتى أكثر الناس من ذلك، وهو اتخاذ لآيات الله هزوًا. كما في "المسند" و"النسائي" وغيرهما من حديث محمود بن لبيد: "أن رجلًا طلق امرأته ثلاثًا، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أَيُلْعَبُ بكِتَابِ اللهِ وأَنا بَيْنَ أَظْهُركُمْ؟ " فقال رجل: ألا أضرب عنقه يا رسول الله؟ " (٤) فلما أكثر الناس من ذلك


(١) رواه مسلم (١٠/ ٣٢٥) رقم (١٤٧٢) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) "عليه" من "هـ".
(٣) في "أ": "وعهد أبي بكر".
(٤) رواه النسائي في المجتبى (٦/ ١٤٢)، وفي السنن الكبرى (٣/ ٣٤٩). قال ابن القيم: "إسناده على شرط مسلم". زاد المعاد (٥/ ٢٤١)، وقال ابن كثير: "النسائي بإسناد جيد قوي" ا. هـ. إرشاد الفقيه (٢/ ١٩٤)، وقال