للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عون بن (١) عبد الله بن عتبة: أن أباه كان إذا قضى على رجل باليمين، فردها على الذي يدعي، فأبى أن يحلف: لم يجعل له شيئًا، وقال: لا أعطيك ما لا تحلف عليه (٢).

قال أبو عبيد: على (٣) أن رد اليمين له أصل في الكتاب والسنة. فالذي في الكتاب: قول الله تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦]، ثم قال: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: ١٠٧، ١٠٨].

وأما السنة: فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القسامة بالأيمان على المدعين، فقال: "تَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ بأَنْ يُقْسِم مِنْكُم خَمْسُونَ: أنَّ يَهُودَ قَتَلتْهُ". فقالوا: كيف نقسم علىَ شيء لم نحضره؟ قال: "فَيَحْلِف لَكُمْ خَمْسُونَ مِنْ يَهُود مَا قَتَلُوهُ" (٤) قال: فردها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الآخرين، بعد أن حكم بها للأولين. فهذا هو الأصل في رد اليمين.


= تعالى -. انظر: تهذيب الكمال (٧/ ١١٤)، الكنى للدولابي (٢/ ٩٥)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٢٠٨).
(١) في "ب": "عن".
(٢) رواه أبو عبيد كما ذكر المؤلف وابن حزم في المحلى (٩/ ٣٧٧).
(٣) في "ب": "بل".
(٤) سبق تخريجه.