للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنكول، ويقضي النَّاس كلهم بالردِّ مع النكول، وليس في كتاب الله، فهكذا الشاهد مع اليمين يجب أن يقضى به وإن لم يكن في كتاب الله تعالى، كما دلَّت عليه السنة. فهذا إلزام (١) لا محيد عنه، والله أعلم.

قال ابن حزم (٢): وأمَّا رد اليمين على الطالب إذا نكل المطلوب، فما كان في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فبين الأمرين فرقٌ كما بين السماء والأرض.

فيقال: بل أرشد إليه كتاب الله وسنة رسوله.

أمَّا الكتاب: فإنَّه سبحانه شرع الأيمان في جانب المدعي إذا احتاج إلى ذلك، وتعذر عليه إقامة البينة، وشهدت القرائن بصدقه، كما في اللعان (٣)، وشرع عذاب المرأة بالحدَّ بنكولها مع يمينه، فإذا كان هذا شرعه في الحدود التي تدرأ بالشبهات، وقد أمرنا بدرئها ما استطعنا، فلأن يشرع الحكم بها بيمين المدعي مع نكول المدعى عليه في درهم وثوب ونحو ذلك أولى وأحرى.

لكنْ أبو محمد وأصحابه سدُّوا على نفوسهم باب اعتبار المعاني والحِكَم التي علق بها الشارع الحُكْم (٤)، ففاتهم بذلك حظٌّ عظيمٌ من العلمِ، كما أنَّ الَّذين فتحوا على نفوسهم باب الأقيسة والعلل - التي لم


(١) في "ب": "الإلزام".
(٢) المحلَّى (٩/ ٣٨٠).
(٣) الآيات (٦ - ٩) من سورة النور.
(٤) انظر: الإحكام لابن حزم (٧/ ٣٦٨)، النبذ في أصول الفقه (١٢٠)، البداية والنهاية (١٥/ ٧٩٥).