للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإسماعيلي - عند ذكر هذه الحكاية -: ليس فيما ذكره ابن شبرمة معنى، فإنَّ الحاجة إلى إذكار إحداهما الأخرى إذا شهدتا، فإن لم يكونا قامَ مقامَهما يمين الطالب ببيان السنَّة الثابتة (١)، وكما حلَّت يمين المدعى عليه محل البينة في الأداء والإبراء، حلت ها هنا محل الشاهد ومحل المرأتين في الاستحقاق، بانضمامها إلى الشاهد الواحد، ولو وجب إسقاط السنَّة الثابتة في الشاهد واليمين - كما ذكر ابن شبرمة - لسقط الشاهد والمرأتان، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك أو يمينه" (٢). فنقله عن الشاهدين إلى يمين خصمه بلا ذكر رجل وامرأتين.

قلت: مراده أنَّ قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] لو كان مانعًا من الحكم بالشاهد واليمين، ومعارضًا له، لكان قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك أو يمينه" مانعًا من الحكم بالشَّاهد والمرأتين، ومعارضًا له، وليس الأمر كذلك، فلا تعارض بين كتاب الله وسنَّة رسوله، ولا اختلاف ولا تناقض بوجه من الوجوه، بل الكل من عند الله {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء: ٨٢] (٣).


(١) "بيان السنة الثابتة" ساقط من جميع النسخ عدا "جـ".
(٢) تقدم تخريجه.
انتهى كلام الإسماعيلي - رحمه الله تعالى -. انظر: فتح الباري (٥/ ٣٣٢ - ٣٣٣)، نيل الأوطار (٨/ ٣٢٧).
(٣) انظر: اختلاف الحديث للشافعي (١/ ٢٨٤)، تاريخ دمشق (٥١/ ٢٨٩).