للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الرسول - صلى الله عليه وسلم - والرواية عنه، فإنَّ الكذب عليه ليس كالكذب على غيره، وإنَّما رُدَّت الشهادة بالعداوة والقرابة والأنوثة (١) دون الرواية لتطرق التهمة إلى شهادة العدو وشهادة الولد، وخشية عدم ضبط المرأة وحفظها، وأمَّا العبدُ فما يتطرقُ إليه من ذلك يتطرق إلى الحرِّ سواء، ولا فرق بينه وبينه في ذلك ألبتة، فالمعنى الَّذي قبلت به روايته هو المعنى الَّذي تقبل به شهادته، وأمَّا المعنى الَّذي رُدَّت به شهادة العدو والقرابة والمرأة فليس موجودًا في العبد (٢).

وأيضًا؛ فإنَّ المقتضي لقبول شهادة المسلم عدالته، وغلبة الظن بصدقه، وعدم تطرق التهمة إليه، وهذا بعينه موجود في العبد، فالمقتضي موجود والمانع مفقود، فإنَّ الرِّقَّ لا يصلح أن يكون مانعًا، فإنَّه لا يزيل مقتضى العدالة، ولا تطرق تهمة، كيف والعبد الَّذي يؤدي حقَّ الله وحقَّ سيده له أجران حيث يكون للحرِّ أجرٌ واحد (٣)، وهو أحد الثلاثة الَّذين هم أوَّل من يدخل الجنَّة (٤)، ولهذا قبل شهادته أصحاب


(١) "والأنوثة" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".
(٢) انظر: بدائع الفوائد (١/ ٥).
(٣) كما رواه البخاري رقم (٢٥٤٩)، ومسلم رقم (١٦٦٤) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: "إنَّ العبدَ إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرَّتين".
(٤) لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: "عُرِضَ عليَّ أوَّل ثلاثة يدخلون الجنَّة - وذكرهم - وعبدٌ مملوكٌ أحسن عبادة ربه ونصح لسيده" رواه أحمد (٢/ ٤٢٥)، والترمذي (١٦٤٢)، وابن أبي شيبة (٧/ ٢٦٧)، والطيالسي (٣٣٤) رقم (٢٥٦٧)، وابن المبارك في الجهاد (١/ ٥١) رقم (٤٦)، =