للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونقول لهم: هل يلزم العبيد الصلاة والصيام والطهارة، ويحرم عليهم من المآكل والمشارب والفروج ما يحرم على الأحرار، أم لا يلزمهم ذلك؛ لكونهم لا يقدرون عندكم على شيءٍ ألبتة؟ (١)، قال: ومن نسب هذا إلى الله فقد كذب عليه جهارًا (٢).

واحتج بعضهم (٣) بقوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢]، فنهى الشهداء عن التخلف والإباء، ومنافع العبد لسيده، فله أن يتخلف ويأبى إلَّا خدمته.

وهذا لا يدلُّ على عدم قبولها إذا أذن له سيده في تحملها وأدائها إذا لم يكن في ذلك تعطيل خدمة السيد.

فأبعد النجعة من فهم رد شهادة العبيد العدول بذلك، فإن كان هذا مقتضى الآية كان مقتضى ذلك أيضًا ردَّ روايتهم.

واحتج بعضهم بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} [المعارج: ٣٣]، والعبدُ ليس من أهلِ القيام على غيره، وهذا من جنس احتجاج بعضهم (٤) أنَّ الشهادة ولاية، والعبد ليس من أهل الولاية على غيره.

وهذا في غاية الضعف؛ فإنَّه يقال لهم: ما تعنون بالولاية؟ أتريدون بها الشهادة، وكونه مقبول القول على المشهود عليه، أم كونه


(١) "ألبتة" ساقطة من "ب".
(٢) انتهى كلام ابن حزم.
(٣) انظر: فتح الباري (٥/ ٣١٧).
(٤) "بقوله تعالى: {والَّذين .. } " إلى قوله " .. احتجاج بعضهم" ساقط من "و".