للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عمرة (١) عن عائشة: أنَّ فاطمة - رضي الله عنها - أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نُوْرَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ إنَّما يَأْكُلُ آل مُحَمَّد في هَذَا المَالِ"، وإنَّي والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، ولأعملن فيها بما عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئًا - وذكر الحديث -. والاستدلال به سهو أيضًا؛ فإنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - علم من دين الرسول أنَّ هذه الدعوى باطلة لا يسوغ الحكم بموجبها، بل دعواها بمنزلة دعوى استحقاق ما علم وتحقق دفعه بالضرورة، بل بمنزلة ما يعلم بطلانه قطعًا من الدعاوى، وسيدة نساء العالمين - رضي الله عنها - خفي عليها حكم هذه الدعوى، وعلمه الخلفاء الراشدون ومن معهم (٣) من الصحابة، فالصديق معه الحجة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يسمع هذه الدعوى (٤)، ولم يحكم بموجبها، للحجة الظاهرة التي علمها معه عمر بن الخطاب والصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين، فأين هذا من حكم الحاكم بعلمه الَّذي لم يقم به حجة على الخصم؟


(١) في جميع النسخ: "عمرة"، والصواب: "عروة" كما هو عند البخاري (٣٧١١)، ومسلم (١٧٥٩). وهو عروة بن الزبير بن العوام أبو عبد الله. توفي سنة ٩٤ هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: طبقات ابن سعد (٥/ ١٣٦)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٤٢١)، طبقات علماء الحديث (١/ ١٥٣).
(٢) "عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" مثبتة من "أ".
(٣) في "أ": "تبعهم"، وفي "ب": "بعدهم".
(٤) في "ب": "فلم يسمع هذه الحجة الدعوى".