للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلوم أنَّ عمر لم يقل لابن عباس "أشهد عندك أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك"، ولكن أخبر به، فسماه شهادة.

وقد تناظرَ الإمام أحمد وعلي بن المديني في العشرة (١) - رضوان الله عليهم - فقال علي: أقول: "هُمْ في الجنَّة، وَلَا أَشْهَدُ بِذلِكَ" بناءً على أنَّ الخبرَ في ذلك خبر آحاد، فلا يفيد العلم، والشهادة إنَّما تكون على العلم، فقال له الإمام أحمد: "متى قلت: هم في الجنَّة، فقد شهدت" حكاه القاضي أبو يعلى (٢)، وذكره شيخنا (٣) ابن تيمية - رحمه الله -.

فكل من أخبر بشيءٍ فقد شهد به، وإن لم يتلفظ بلفظ "أشهد" (٤).

ومن العجب: أنَّهم احتجوا على قبول الإقرار بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] (٥).


(١) وهم من ذكرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "عشرة في الجنَّة، أبو بكر في الجنَّة، وعمر في الجنَّة، وعثمان في الجنَّة، وعلي في الجنَّة، وطلحة في الجنَّة، والزبير في الجنَّة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنَّة، وسعد في الجنَّة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنَّة" رواه أحمد (١/ ١٩٣)، وأبو يعلى (٨٣٥)، والترمذي (٣٧٤٧). وصححه ابن حبان (٧٠٠٢) من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
(٢) انظر: مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله (٤٤٠)، السنة للخلال (٢/ ٣٦٢)، الفروع (٦/ ٥٩٤).
(٣) انظر: الاختيارات (٣٦١)، النكت على المحرر (٢/ ٣١٣).
(٤) في "و": "الشهادة".
(٥) في "أ" و"د" و"هـ": ذكر آية المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ =