للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا (١): وقد دلَّ الحس على وقوع التشابه بين الأجانب الَّذين لا نسب بينهم، ووقوع التخالف والتباين بين ذوي النسب الواحد، وهذا أمرٌ معلومٌ بالمشاهدة لا يمكن جحده، فكيف يكون دليلًا على النسب، ويثبت به التوارث والحرمة والمحرمية (٢) وسائر أحكام النسب؟

قالوا: والاستلحاق موجبٌ للحوق النسب، وقد وجد في (٣) المتداعيين وتساويا فيه، فيجب أن يتساويا في حكمه، فإنَّه يمكن كونه منهما، وقد استلحقه كل واحد منهما، والاستلحاق أقوى من الشبه، ولهذا لو استلحقه مستلحق ووجدنا شبهًا بينا بغيره ألحقناه بمن استلحقه، ولم نلتفت إلى الشبه.

قالوا: ولأنَّ القائف إمَّا شاهدٌ وإمَّا حاكم، فإن كان شاهدًا فمستند شهادته الرؤية، وهو وغيره فيها سواء، فجرى تفرده في الشهادة مجرى شهادة واحد من بين الجمع العظيم بأمر لو وقع لشاركوه في العلم به، ومثل هذا لا يقبل.

وإن كان حاكمًا فالحاكم لا بُدَّ له من طريق يحكم بها، ولا طريق ها هنا إلَّا الرؤية والشبه، وقد عرف أنَّه لا يصلح طريقًا.

قالوا: ولو كانت القافة طريقًا شرعيًّا لما عدل عنها داود وسليمان - صلوات الله وسلامه عليهما - في قصة الولد الَّذي ادعته المرأتان، بل حكم به داود للكبرى، وحكم به سليمان للصغرى بالقرينة التي استدل


(١) انظر: زاد المعاد (٥/ ٤٢٠).
(٢) "والمحرمية" مثبتة من "أ".
(٣) في "أ" "من".