للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن لكونهم جاهلين بالقيمة أو غير مماكسين، والبيع يعتبر فيه الرضا، والرضا يتبع العلم، ومن لم يعلم أنَّه غبن فقد يرضى، وقد لا يرضى، فإذا علم أنَّه غبن ورضي فلا بأس بذلك.

وفي "السنن": "أنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أرْضِ غَيْرِهِ، وَكَانَ صَاحِبُ الأرْضِ يَتَضَرَّرُ بدُخُوْلِ صَاحِب الشَّجَرَةِ، فَشَكَا ذلِكَ إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَأمَرَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَدَلَهَا، أَوْ يَتبَرَّعَ لَه بِهَا، فَلَمْ يَفْعَل، فَأَذِنَ لِصَاحِبِ الأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَهَا، وَقَالَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ: إنَّما أَنْتَ مُضَار" (١).

وصاحب القياس الفاسد يقول: لا يجب عليه أن يبيع شجرته، ولا يتبرع بها، ولا يجوز لصاحب الأرضِ أن يقلعها؛ لأنَّه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، وإجبار على المعاوضة عليه، وصاحب الشرع أوجب عليه إذا لم يتبرع بها أن يبيعها (٢)، لما في ذلك من مصلحة صاحب الأرضِ بخلاصه من تأذيه بدخول صاحب الشجرة، ومصلحة صاحب الشجرة بأخذ القيمة، وإن كان عليه في ذلك ضررٌ يسير، فضرر صاحب الأرض ببقائها في بستانه أعظم، فإنَّ الشارع الحكيم يدفع (٣)


(١) رواه أبو داود رقم (٣٦٣٦)، والبيهقي (٦/ ١٥٧) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه. قال ابن حزم: "هذا منقطع؛ لأنَّ محمد بن علي لا سماع له من سمرة" ا. هـ. المحلَّى (٩/ ٢٩)، الجوهر النقي (٦/ ٢٦٠)، وقال المنذري: "في سماع الباقر من سمرة بن جندب نظر" ا. هـ. مختصر سنن أبي داود (٥/ ٢٤٠).
(٢) في "جـ": "أن يقلعها".
(٣) "يدفع" ساقطة من "أ".