للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك إذا كان هو الَّذي غشَّه، فأمَّا من وجد عنده من ذلك شيء مغشوش لم يغشه هو، وإنَّما اشتراه أو وهب له أو ورثه، فلا خلاف أنَّه لا يتصدق بشيء من ذلك، والواجب أن يباع ممن يؤمن أن يبيعه من غيره مدلسًا به، وكذلك ما وجب أن يتصدق به من المسك والزعفران يباع (١) على الَّذي غشه.

وقول (٢) ابن القاسم في أنَّه لا يتصدق من ذلك إلَّا بالشيء اليسير أحسن من قول مالك؛ لأنَّ الصدقة بذلك من العقوبات في الأموال، وذلك أمرٌ كان في أوَّل الإسلام.

ومن ذلِكَ: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مانع الزكاة: "إنَّا آخذوها وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبَّنَا" (٣).

وروي عنه في حريسة الجبل (٤): "أنَّ فيها غَرَامَة مِثْلِهَا (٥) وَجَلَدَات


= التاج والإكليل (٣/ ٣٤٢).
(١) "يباع" مثبتة من "جـ".
(٢) لا يزال الكلام لابن رشد - رحمه الله -.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) حريسة الجبل: أي ليس فيما يُحرس بالجبل إذا سُرق قطع؛ لأنَّه ليس بحرز. والحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أنَّ لها من يحرسها، ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها، ويقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها: حريسة. انظر: النهاية (١/ ٣٦٧)، المجموع المغيث (١/ ٤٢٨)، حاشية السندي على النسائي (٨/ ٨٥).
(٥) في "جـ": "مثليها".