للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رواه الحفاظ عن رِبْعي عن رجل لم يُسَمِّه. قال: فقلتُ له: لقد ذكرتَه في "المسند" (١)؟ فقال: قصدتُ (٢) في "المسند" الحديث المشهور، وتركتُ الناس تحت سِتْر الله، ولو أردتُ أقصد (٣) ما صحَّ عندي، لم أرْوِ من هذا "المسند" إلا الشيء بعد الشيء، ولكنَّك يا بُنَي تعرف طريقتي في "المسند"، لسْتُ أخالف ما فيه ضعف؛ إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه".

فهذا تصريح منه رحمه الله تعالى بأنه أخرج فيه الصحيح وغيره. وقد اسْتَشْكَلَ أبو موسى المَدِيني هذه الحِكَاية، وظَنَّهَا كلامًا متناقضًا، فقال: "ما أظنُّ هذا يصح؛ لأنه كلام متناقض؛ لأنه يقول: لستُ أخالفُ ما فيه ضعف؛ إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو يقول في هذا الحديث: الأحاديث بخلافه قال: "وإن صحَّ؛ فلعله كان أوَّلًا، ثم أخرج منه ما ضَعُف؛ لأني طلبتُه في المسند، فلم أجِدْه" (٤).

قلت: ليس في هذا تناقضٌ من أحمد ﵀، بل هذا هو أصله الذي بنى عليه مذهبه، وهو لا يقدم على الحديث الصحيح شيئًا ألبتة (٥)، لا عَمَلًا، ولا قياسًا، ولا قول صاحبٍ، وإذا لم يكن في المسألة حديثٌ صحيحٌ، وكان فيها حديثٌ ضعيفٌ، وليس في الباب


(١) لم أقف في المسند المطبوع على حديث ربعي عن حذيفة، الذي يرويه عبد العزيز بن أبي روَّاد.
(٢) في (ظ) كأنها (نصبت).
(٣) سقط من (مط).
(٤) انظر خصائص المسند (ص/ ٢١).
(٥) سقط من (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>