للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من (١) كراهة بذله، ولا كراهة أكله إذا جاء من غير طلب.

ومن أرباب هذا المذهب مَن صرَّح بأنه إنما يجوز أكل السَّبق إذا لم يُؤخذ به رهنٌ، ولا يُلْزَم به باذله، وإنما يكون تبرُّعًا محضًا.

قال ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيُّوب عن يحيى بن سعيد: أنه قال: "إذا سبق الرجل في الرمي فلا بأس، ما لم يكن جزاء واحدة بواحدة، أو يؤخذ به رهن، أو يُلزم به صاحبه".

قال ابن أبي الدُّنيا في كتابه (٢): حدثني يعقوب بن عُبَيْد ثنا محمد بن سَلَمة أبنا ابن وهب فذكره.

فهذا القول يقتضي أنه لم يُجْعَل العوضُ فيه لازمًا قطُّ، وقد اشتُرِط فيه أن لا يكون جزاء واحدة بواحدة، هذا يشبه أن يكون المراد به التَّسبيق من الجانبين، وهذا من أضيق المذاهب.

وهو مذهب أبي جعفر محمد بن جَرِيْر؛ فإنه قال في كتابه "تهذيب الآثار" (٣): "وإذا امتنع المسبوق من أداء السَّبَق إلى السابق أو الفاضل؛ فإنه لا يُجْبر على أداء ذلك إليه؛ لأنه لم يستحقُّه عِوَضًا على معتاضٍ عنه، ولا ألزمه الله به، وإنما هو عِدَة فحسب، ومن جميل الأخلاق الوفاء به؛ فإن شحَّ بالوفاء به، لم يُقْضَ عليه؛ لأنه (٤) لا خلاف بين


(١) قوله (ما يلزم من) من (ظ).
(٢) أي "السبق" والأثر سنده حسن.
(٣) ليس في الأجزاء المطبوعة منه.
(٤) سقط من (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>