للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن ثمَّ نكتة، وهي أنه هل هذا من الزاد الذي تُسافر به (١) القلوب والأرواح إلى محبوبها، أو ليس من زاد سيرها إليه؟

فههنا تُسكَب العبرات، ويتبيّن مَن هو عامل على حظه وإرادته من المحبوب، سواء أراده محبوبه أو لم يرده، وهو حال السماع الشعري الذي يثيره، ومن هو عامل على مراد محبوبه منه (٢) ومرضاته، وهو حال السماع القرآني، فهذا لون، وهذا لون. وبين الحالين أبعد مما (٣) بين المشرقين، ولأجل الباطل الذي فيه تدخل الدواخل القادحة على مَن حضره من الصادقين، لأنه ربما غلب فيه سُكر النفوس على حظِّ القلوب والأرواح، فانغمر في حظ النفوس، وصار الحكم للغالب، ويصير [٤٢ ب] النصيب خالصًا للنفس والشيطان.

فصاحب الحال المحمود في السماع قد يغلب عليه جانب الباطل، وينغمر الحق فيه ويستهلك، لكون صورة هذا السماع غير مشروعة، وليست من أمر الدين ولا من الإسلام، فهي صورة مبتدعة.

فلهذا السبب قد يقوى جانبُ النفس والشيطان فيه على جانب الحق، وتصير الحركة نفسانية لا قلبية، ولا يشعر صاحبها لغلبة حكم (٤)


(١) ك: "فيه".
(٢) "منه" ليست في ع.
(٣) الأصل: "ما". والمثبت من ك، ع.
(٤) ع: "الحكم".